الصفوف باقية، فلو أنقضت أذن الآخرون وأقاموا، وبه قال الشيخ في المبسوط والنهاية، والوجه أن الأذان إعلام بدخول الوقت وقد حصل فلا معين لا عادته، أما إذا تفرق الصفوف فإن صلاته بعد ذلك كالصلاة المستأنفة، ويدل على ذلك ما رواه أبو بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قلت: (الرجل يدخل المسجد وقد صلى القوم أيؤذن ويقيم؟ قال: إن كان دخل ولم يتفرق الصف صلى بأذانهم، وإقامتهم، وإن كان الصف تفرق أذن وأقام) (1).
مسألة: ولو أذن بنية الانفراد ثم أراد أن يصلي جماعة استحب الاستيناف، وبه قال الشيخ في المبسوط، وروى ذلك أحمد بن الحسن بن علي، عن عمرو ابن سعيد المدائني، عن مصدق بن صدقة، عن عمار الساباطي، عن أبي عبد الله عليه السلام (سئل عن رجل يؤذن ويقيم ليصلي وحده فيجئ رجل آخر فيقول له: نصلي جماعة هل يجوز أن يصليا بذلك الأذان والإقامة؟ قال: لا، ولكن يؤذن ويقيم) (2) وفي هذه الرواية ضعف، فإن سندها فطحية، لكن مضمونها استحباب تكرار الأذان والإقامة، وهو ذكر الله وذكر الله حسن، والأقرب عندي الاجتزاء بالأذان والإقامة وإن نوى الانفراد.
ويؤيد ذلك ما رواه صالح بن عقبة، عن أبي مريم الأنصاري قال: (صلى بنا أبو جعفر عليه السلام في قميص بغير إزار ولا رداء ولا أذان ولا إقامة، فلما انصرف قلت له:
صليت بنا في قميص بلا إزار ولا رداء ولا أذان ولا إقامة فقال: قميصي كثيف فهو يجزي ألا يكون على إزار ولا رداء، وأني مررت بجعفر وهو يؤذن ويقيم فأجزاني ذلك) (3) وإذا اجتزء بأذان غيره مع الانفراد فأذانه أولى.