الخفض مجمع عليها بخلاف قراءة النصب فإنها مختلف فيها: فقيل: إنه عطف على محل رؤوسكم فتدل الآية على وجوب مسح القدمين وقال المخالفون: إن أرجلكم عطف على وجوهكم وقولهم هذا مبني على قراءة النصب فتدل الآية بناء على قولهم على وجوب غسل الرجلين أو جوازه.
وأما على قراءة الجر فحملوا الآية أيضا على ذلك بأن قالوا: إن أرجلكم عطف على وجوهكم وإنما جرها للمجاورة مع رؤوسكم مثل قول العرب: هذا حجر ضب خرب بجر خرب مع أنه صفة لحجر لمجاورته لضب ولكن يدفع قولهم: إن الجر بالمجاورة أولا لم يثبت إلا عند الشاذ وعلى فرض ثبوته فهو شاذ لا يمكن حمل التزيل عليه وثانيا إن مورد الجر على المجاورة هو في صورة عدم وجود العاطف كما صرحوا به في محله وما نحن فيه ليس كذلك.
والحاصل أن الآية ظاهرة بل كادت أن تكون صريحة في أن أرجلكم عطف على رؤوسكم ومخالفونا وإن كان أكثرهم قد أوجبوا الغسل إلا أن كثيرا من أخبارهم قد تضمن المسح أيضا ولازم ذلك هو القول بجواز كل واحد من الغسل والمسح عندهم ولكن أكثرهم قد أوجبوا الغسل كما ذكرنا.
وأما أخبارنا فتدل أكثرها على خصوص المسح وهي كثيرة جدا بحيث بالغ السيد المرتضى (ره) في الانتصار على ما حكي عنه وقال: إنها أكثر من عدد الرمل والحصى فمنها الروايات البيانية المبينة لوضوء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقد قدمنا بعضها فإنه ليس فيها إلا المسح على القدمين فراجعها.
ومنها رواية محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث قال: وذكر المسح فقال: وامسح على مقدم رأسك وامسح على القدمين (1) ومنها رواية سالم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن المسح على الرجلين قال: هو الذي نزل به جبرئيل (2) ومنها رواية ابني أعين عنه عليه السلام قال في المسح: تمسح النعلين ولا تدخل يدك تحت الشراك وإذا مسحت بشئ من رأسك أو بشئ من قدميك ما بين كعبيك إلى أطراف الأصابع فقد أجزأك (3) إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة التي قد عبر في جميعها بالمسح على القدمين وبعض الأخبار التي يظهر