رآى أبا الحسن عليه السلام بمنى - يمسح ظهر القدمين من أعلى القدم إلى الكعب ومن الكعب إلى أعلى القدم ويقول: الأمر في مسح الرجلين موسع من شاء مسح مقبلا ومن شاء مسح مدبرا فإنه من الأمر الموسع انشاء الله (1) ولكن هذين الخبرين قد دلا على جواز النكس في القدمين ولم يذكر فيها مسح الرأس والرواية الأولى وإن كان فيها مسح الوضوء الشامل لمسح الرأس أيضا إلا أنه يمكن أن يكون مسح الوضوء اشتباها من الراوي أو النساخ وأصله ما في الرواية الثانية من روايتي حماد بن عثمان أي مسح القدمين فصحف ومنشأ هذا الاحتمال هو كون راوي الخبرين واحدا وهو حماد بن عثمان والراوي عنه إلى أن ينتهي إلى الشيخ الناقل هذا الخبر في كتاب التهذيب كلهم متحد في الخبرين فيمكن أن يكونان رواية واحدة وصحيحه ما في الرواية الثانية فالدليل على جواز النكس في القدمين معلوم الوجود بخلاف مسح الرأس لعدم العلم بوجود دليل على جواز النكس فيه.
ولكن يمكن دفع هذا الاشكال بأن الدليل الدال على جواز النكس في القدمين وإن لم يدل على جوازه في مسح الرأس إلا أنه لا ينفي الجواز عن مسح الرأس لأن مفهوم اللقب ليس بحجة فيتمسك لجوازه باطلاقات الأدلة كقوله تعالى: وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين ومثل الأخبار البيانية وغيرها فإنه ليس في شئ منها التقييد بكون مسح الرأس مقبلا فيتمسك لجواز النكس بهذه الاطلاقات.
ودعوى غلبة كون المسح مقبلا - فلو لم تكن مانعة من انصراف الاطلاق إليه فلا أقل من مانعيتها في ظهور الأدلة في الاطلاق - ممنوعة لعدم تحقق الغلبة فإنه إذا أمر الشارع أو غيره بمسح رأس اليتيم مثلا فإنه لا ينقدح في ذهن أحد المسح مقبلا بل المسح مقبلا ومدبرا بنظر العرف سواء.
ثم إنه يجوز المسح على البشرة وعلى الشعر النابت عليها في مقدم الرأس اجماعا ويمكن استفادة ذلك من الآية والأخبار أما الاستفادة من الآية فبأن يقال: إن في قوله: فاغسلوا وجوهكم وأيديكم وقوله تعالى وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم فرقا فإن الأول يقتضي وجوب