إلا في هذا الموضع فإنه للحفظ من أن ينظر إليه (1).
بل يمكن أن يقال: إن نفس الآية بدون ضم الرواية إليها دالة على وجوب الستر للمقابلة الوقعة بين الأمر بالغض وحفظ الفرج حيث إنه يستفاد منها أن المراد بذكر حفظ الفرج بعد الأمر بالغض الحفظ من النظر لا من الزنا هذا ما ذكره الأستاذ دام ظله وإن كان استفادة ذلك من الآية لا تخلو من اشكال.
ويدل على وجوب ستر العورة أيضا كثير من الأخبار منها رواية النعماني عن علي عليه السلام في قوله تعالى: قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم الآية قال: معناه لا ينظر أحدكم إلى فرج أخيه المؤمن أو يمكنه من النظر إلى فرجه الحديث (2) ومنها مرسلة حسن بن علي بن شعبة في تحف العقول عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: يا علي إياك ودخول الحمام بغير مئزر ملعون الناظر والمنظور إليه (3) ومنها رواية حمزة بن أحمد عن أبي الحسن الأول عليه السلام قال: سألته أو سأله غيري عن الحمام فقال: ادخله بميزر وغض بصرك الحديث (4) إلى غير ذلك من الأخبار ولكن في بعض الأخبار ما يدل على كراهة إبداء العورة كرواية ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته أيتجرد الرجل عند صب الماء ترى عورته أو يصب عليه الماء أو يرى هو عورة الناس قال: كان أبي يكره ذلك من كل أحد (5) ورواية الصدوق عنه عليه السلام قال: إنما أكره النظر إلى عورة المسلم الحديث (6) والرواية الأولى دالة على كراهية النظر أيضا إلا أن الروايتين لا تصلحان لمعارضة الروايات الكثيرة فإن عمل الأصحاب قد استقر على تلك الروايات فهاتان الروايتان معرض عنهما فلا بد من حملهما على التقية.
أو يقال: إن الكراهة هنا ليست بالمعنى المصطلح عند الفقهاء وهو المرجوح مع جواز الارتكاب بل الكراهة هنا بمعنى ممنوع الفعل ومثل هذا الاستعمال في الأخبار كثير.