وأما تحديد العورة فيظهر من بعض الأخبار أنها القبل والدبر فقط دون الفخذ والسرة وغيرهما كالأليتين وهي رواية بعض الأصحاب عن أبي الحسن الماضي عليه السلام قال:
العورة عورتان القبل والدبر والدبر مستور بالأليتين فإذا سترت القضيب والبيضتين فقد سترت العورة (1) ورواية محمد بن حكيم قال الميثمي لا أعلمه إلا قال: رأيت أبا عبد الله عليه السلام أو من رآه متجردا وعلى عورته ثوب فقال: إن الفخذ ليست من العورة (2) ومرسلة الصدوق عن الصادق عليه السلام قال: الفخذ ليست من العورة (3).
ولكن في بعض الأخبار ما يدل على أن ما بين السرة والركبة من العورة أيضا وهي رواية بشير النبال قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الحمام فقال: تريد الحمام قلت: نعم فأمر باسخان الماء ثم دخل فاتزر بإزار فغطي ركبتيه وسرته إلى أن قال: هكذا فافعل وهذه الرواية وإن كانت ظاهرة في ذلك لأن الأمر ظاهر في الوجوب إلا أنها معارضة بالأخبار الدالة صريحا على أن العورة هي القبل والدبر وأن الفخذ والسرة ليستا من العورة فلا بد من حمل الأمر في هذه الرواية على الاستحباب.
ويظهر من أخبار وجوب الستر وحرمة النظر إلى عورة الغير أن العلة في ذلك هي التحذير عن الوقوع في الحرام كالزنا واللواط وهذه العلة موجودة في الطفل المميز الذي يكون في معرض اللذة والشهوة وأما الطفل غير المميز فحيث إنه ليس في معرض اللذة والشهوة لا يحرم النظر إلى عورته.
الثاني من أحكام الخلوة حرمة استقبال القبلة أو استدبارها وعلل هذا الحكم مضافا إلى الأخبار الدالة على ذلك بوجوب احترام القبلة فاستقبالها بالبول والغائط هتك لها. ولا يخفى أن الاحترام وهتكه قد يكون عرفيا وقد يكون شرعيا.
فيمكن أن يجعل الشارع شيئا احتراما لشئ مع أنه بنظر العرف ليس كذلك فإنه قد يجعل الشارع شيئا مستحبا مع أنه بنظر العرف يكون هتكا مثلا قد جعل الشارع التسمية وكذا ذكر الله حين التخلية مستحبا مع أنه بنظر العرف لولا الشرع يكون هتكا فإنه إذا قيل لأحد: إني حين الدخول إلى بيت التخلية أذكرك يغضبه ذلك فإن كان مراد القائل بأن