الفأرة تقع في البئر قال: إذا ماتت ولم تنتن فأربعين دلوا وإذا انتفخت أو نتنت نزح الماء كله (4) ومثل رواية منهال المتقدمة وفي آخرها: فإن غلب الريح عليها بعد مأة دلو فانزحها كلها (5) والقسم الثالث من الروايات ما يدل على نزح مائة دلو وفيه خبر واحد وهو خبر منهال.
المذكور وفيه: وإن كانت جيفة قد أجيفت فاستق منها مأة دلو... الحديث.
ويمكن الجمع بين هذه الأخبار بأن يكون نزح الجميع الواقع في خبر منهال محمولا على صورة عدم ارتفاع التغير إلا بنزح الجميع ويؤيده ذيل الخبر المذكور فإن الظاهر من قوله: فإن غلب الريح الخ أن جميع الماء صار منتنا فح لا يزول نتنه غالبا إلا نزح الجميع وأما مأة دلو الواقع في خبر منهال المذكور فغير معمول به عند الأصحاب فالعمل ح بالأخبار الدالة على وجوب النزح إلى أن يطيب الماء أي يرتفع التغير.
إذا عرفت ذلك نقول: يظهر من القسم الأول من الروايات المتقدمة أن الطيب غاية للنزح لا أنه علة له حتى يقال: إن العلة تعمم وتخصص فحيث إن علة النزح هو حصول الطيب فبأي نحو حصل وبأي سبب تحقق كفى ولا يلزم أن يكون خصوص النزح فإن كونه علة خلاف المتبادر من لفظة حتى فإن الظاهر أنها تفيد الغاية وإذا كانت بمعنى الغاية فليس لها عموم مثل العلة حتى يقال: إنها تعمم وتخصص بل المغيى هو لازم الاتباع فقط ولو فرض عدم ظهورها في الغاية فليست ظاهرة في العلة أيضا فيحصل الاجمال فيؤخذ بالقدر المتيقن من محصل الطيب وهو النزح بالمقدار المذكور في الروايات وأيضا النزح بحسب المتفاهم العرفي ليس سببا لحصول الطيب، لظهور أن حوضا من الماء إذا صار متغيرا فالأخذ من مائه لا يصيره طاهرا فلا بد من أن يكون الأمر بالنزح في هذه الأخبار لأجل خروج ماء طاهر من المنبع واختلاطه بالماء المتغير حتى يذهب تغيره ويصيره طاهرا وهذا غير ممكن غالبا في زوال التغير من قبل نفسه فإن أكثر الآبار ما لم يؤخذ من مائها لا يخرج من منبعها شئ من الماء الطاهر النظيف إلا شيئا قليلا غير معتد به فح لا يحصل الامتزاج بين هذا الماء النجس المتغير وبين الماء الطاهر الخارج من المنبع.
نعم إذا فرض أنه كان ماء البئر قليلا جدا وصار متغيرا وصار بحسب بعض العوارض