أو نحو هذا الكلام فالأنسب أن يحمل صب كف من كل جانب على الاستحباب، كما ورد الأمر به في بعض الأخبار المحمول على الاستحباب مثل رواية الكاهلي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا أتيت ماء فيه قلة فانضح عن يمينك وعن يسارك وبين يديك وتوضأ (1).
فإن من المعلوم أن الأمر هنا ليس للوجوب لأنه لم يقل به أحد والحاصل أنه لم يعلم وجه الأمر بالنضح في كل جانب وهذا الأمر ورد في كثير من الرويات كما يجيئ أيضا في الروايات الآتية.
ومما استدل على المنع صحيحة محمد بن مسلم عن الصادق عليه السلام وقد سئل عن الماء الذي تبول فيه الدواب. وتلغ فيه الكلاب ويغتسل فيه الجنب قال: إذا كان الماء قدر كر لا ينجسه شئ (2).
ولكن الانصاف أن هذه الرواية لا دلالة لها على المنع أصلا فإن الظاهر منها أن السائل سأل من جهة النجاسة لا من جهة استعماله في رفع الحدث الأكبر لأنه قرن باغتسال الجنب في الماء بعض الأشياء المنجسة للماء والجواب أيضا كاد أن يكون صريحا في ذلك ومما استدل به على المنع الروايات الناهية عن الاغتسال بغسالة ماء الحمام معللا في بعضها (3) بأنه يسيل فيها ما يغتسل به الجنب وولد الزنا والناصب لنا أهل البيت وهو شرهم وفي بعضها (4) بأنها مجمع غسالة اليهودي والنصراني والمجوسي والناصب لنا أهل البيت فيظهر من التعليل الأول أن إحدى علل النهي عن الاغتسال بغسالة ماء الحمام هو اغتسال الجنب من مائه.
ولكن لا يخفى على الناظر في تلك الأخبار أن المستفاد من مجموعها أحد أمرين.
الأول أن النهي فيها للكراهة لأنه يغتسل فيها جميع الناس من أي أنواع كانوا من اليهودي والنصراني والمجوسي والجنب وولد الزنا والزاني والناصب فالماء الذي هذا شأنه لا ينبغي الاغتسال به لأنه مورث لأنواع الأمراض ويدل على أن النهي فيها للكراهة أن الإمام (ع) بين في بعض تلك الأخبار حكمة النهي عن الاغتسال التي يستفاد منها الكراهة مثل رواية علي بن جعفر عن الرضا عليه السلام في حديث قال: من اغتسل من الماء الذي