ورواية عمر بن حنظلة قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ما تقول في قدح من مسكر يصب عليه الماء حتى تذهب عاديته ويذهب سكره فقال: لا والله ولا قطرة قطرت في حب إلا أهريق ذلك الحب (1) هذا كله بالنسبة إلى النجاسات الثلاث.
وأما سائر النجاسات فلا دلالة لروايات الكر على تنجيسها للماء القليل ومفهوم روايات الكر لا عموم فيه حتى يتمسك به.
والقدر المتيقن من مفهوم روايات الكر هو تنجيس هذه الثلاثة - أعني الكلب والخنزير والخمر للماء القليل فينزل المفهوم عليها.
مضافا إلى أنه يمكن أن يقال: إن أخبار الكر ليس لها مفهوم أصلا بل التحديد بالكر لبيان تحقق موضوع عدم الانفعال وهو مقدار الكر فالشرطية سيقت لبيان تحقق الموضوع مثل إن رزقت ولدا فأختنه ومثل هذه الشرطية ليس لها مفهوم أصلا بل ينتفي الحكم بانتفاء موضوعه لا أن انتفاء الموضوع يصير سببا لتحقق موضوع قضية أخرى.
هذا وربما يدعى أن الجمع بين الأخبار على نحو ما مر من حمل ما دل - على النهي عن التوضؤ بالماء الملاقي للنجس على الكراهة وما دل على الإراقة على الاستحباب - غير ممكن في موثقة سماعة قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل معه إناءان فيهما ماء وقع في أحدهما قذر ولا يدري أيهما هو وليس يقدر على ماء غيره قال: يهريقهما (جميعا) و يتيمم (2) فإنها صريحة في عدم جواز استعمال الإناءين الذين وقع في أحدهما قذر وانتقال تكليفه إلى التيمم فيعلم من هذه الموثقة انفعال الماء القليل بوقوع القذر والتأويل المذكور غير متمش فيها ولكن لا يخفى عدم معارضة هذه الموثقة للروايات الدالة على عدم انفعال الماء القليل لفرض السائل انفعال الماء على سبيل البت والجزم وإنما سأل عن حكم الماءين الذين وقع القذر في أحدهما واشتبه فسؤاله إنما هو عن حكم المشتبه بعد الفراغ عن نجاسة الماء وليس سؤاله عن الماء بأنه ينجس بوقوع القذر فيه أم لا ويمكن أن يكون القذر المفروض في كلامه هو الكلب أو الخنزير أو الخمر فلا ينافي ما ذكرناه هذا كله بحسب الأخبار والجمع بينها.