فقال:
إن تغير الماء فلا تتوضأ منه وكذلك الدم إذا سال في الماء وأشباهه (1) فإن تشبيه الدم بالأبوال ظاهر في كون التغير باللون فهذه الرواية أيضا مما يدل على أن التغير باللون أي بلون النجاسة يكون منجسا للماء بل نفس ذكر الدم ظاهر في التغير اللوني لأن الدم ليس له رائحة منتنة وإن كان له طعم أيضا إلا أن المتبادر منها هو اللون فلا اشكال في اللون أصلا فما قيل من عدم وجود المستند للون لا وجه له بعد ورود هذه الأخبار.
فتحصل من جميع الأخبار أن الماء مطلقا من أي أقسام المياه ينجس بتغير أحد أوصافه الثلاثة أعني الريح والطعم واللون بالنجس وهل ينجس الماء بتنجس وصفه بغير هذه الثلاثة بأن تغير بالثقل أو الخفة أو الحرارة أو البرودة وغيرها فيه اشكال لعدم دلالة هذه الأخبار على ذلك نعم في بعض الأخبار ذكر التغير من غير تقيد بأحد هذه الأوصاف الثلاثة مثل قوله ماء البئر واسع لا يفسده شئ إلا أن يتغير به (1) وغير ذلك.
ولكن يمكن حمله على ما دلت عليه تلك الأخبار مضافا إلى عدم فهم العرف من لفظ التغير غير التغير بأحد هذه الأوصاف الثلاثة فينزل المطلق على المتفاهم العرفي.
(فروع) (الأول) هل ينجس الماء بتغير أحد أوصافه بالمتنجس مثل ما إذا تغير لونه أو طعمه بوقوع الدبس المتنجس أو تغير ريحه بوقوع الدهن المتنجس أو الجلاب المتنجس فيه أم لا؟ يمكن أن يقال: إنه يستفاد من الأخبار المتقدمة أنه لا بد في تنجس الماء بالتغير تغيره بالنجس وأنه المتبادر من هذه الأخبار فلا تشمل التغير بالمتنجس نعم في بعض الأخبار ما يشمل الفرض مثل صحيحة ابن بزيع ماء البئر واسع لا يفسده شئ إلا أن يتغير (2) فإنه ليس فيها ذكر النجس بل ذكر لفظ الشئ الشامل للمتنجس أيضا إلا أن التبادر فيها ابتدائي يدفعه ذيلها عقيب قوله: ريحه أو طعمه فينزح حتى يذهب الريح ويطيب الطعم، فإنه ظاهر في