النجس لبعض أجزائه سواء أكانت السطوح متساوية أم مختلفة حتى أن السافل لا ينجس بملاقاة العالي للنجاسة كالفوارة فالمناط في عدم التنجس حصول الدفع وإن كان من مثل السافل للعالي لا العلو فإن العلو من حيث هو غير موجب لعدم الانفعال ما لم يكن للماء دفع و قوة والسر في ذلك هو أن سبب التنجس ليس هو الملاقاة فقط بل السبب بنظر العرف هو الملاقاة مع حصول السراية وإذا حصلت الملاقاة ولم تحصل السراية لا يحكم العرف بالتنجس بمجرد الملاقاة.
وكذا لا فرق بين ورود النجاسة على الماء ووروده عليها لأنه بعد ما علم أن سبب التنجس هو الملاقاة مع السراية لا يفرق العرف بينهما مع أن ملاكهما واحد وهو حصول الملاقاة والسراية فما ذكره بعض الأعلام - من عدم الدليل على انفعال القليل بوروده على النجاسة فإن ما دل على الانفعال كله مورده ورود النجاسة على الماء - مدفوع بأن ذكر مورد ورود النجاسة إنما هو من باب المثال لا الخصوصية بقرينة فهم العرف فإنه إذا ألقيت الأدلة الدالة على الانفعال مما كانت النجاسة واردة على الماء على العرف لا يفهم العرف منها الخصوصية بل يحكمون حكما قطعيا بأن الماء إذا ورد على النجاسة حكمه أيضا كذلك.
ثم إن الظاهر أنه لا خلاف بين العامة والخاصة بأن مطلق المياه إذا تغير أحد أوصافها الثلاثة أعني الريح واللون والطعم تنجس سواء أكان الماء قليلا أم كرا أم جاريا أم بئرا نعم نسب إلى صاحب المدارك الاشكال بالنسبة إلى اللون لعدم وجوده في الأخبار الصحيحة و لكن النسبة على خلاف الواقع حيث قال فيها في كلام له: الأولى نجاسة الماء الجاري باستيلاء النجاسة على أحد أوصافه والمراد بها اللون أو الطعم أو الرائحة لا مطلق الصفات كالحرارة والبرودة وهذا مذهب علمائنا كافة انتهى وهذا الكلام فيه تصريح بخلاف تلك النسبة.
وكيف كانت فمستند نجاسة الماء بتغير أحد أوصافه الثلاثة هو الأخبار المستفيضة بل المدعى تواترها فمنها قوله صلى الله عليه وآله خلق الله الماء طهورا لا ينجسه شئ إلا ما غير لونه أو طعمه أو ريحه (1) ومنها صحيحة حريز عن الصادق عليه السلام قال: كلما غلب الماء (على) ريح الجيفة فتوضأ من الماء واشرب وإذا تغير الماء وتغير الطعم فلا توضأ ولا تشرب وهذه