إنما يتحقق فيما إذا جرى على وجه الأرض حتى يتمكن من أخذ الماء منه فقيد إذا جرى في الجواب، لا بد أن يراد منه الجريان من السماء إلا أن يقال فيها: ما ذكرناه في الرواية السابقة من أن هذا القيد إنما هو لبيان تحقق موضوع الحكم مثل أن يقال في السؤال: إذا كان الرجل عالما فهل يجب اكرامه فيجاب نعم إذا كان عالما يجب اكرامه فيذكر الشرط المذكور في الجواب تنبيها على أنه شرط تحقق الموضوع وهذه الرواية وإن كان ذيلها مطلقا إلا أن قيد إذا جرى في الصدر كاف للقرينية على عدم إرادة الاطلاق في الذيل مع أن الذيل له دلالة على تحقق الجريان لأن مفروض السائل السؤال عن الرجل يمر في ماء المطر وهو غير صادق إلا إذا كان المطر جاريا على وجه الأرض ومع عدم الجريان لا يمر في ماء المطر بل يمر على الأرض.
ومنها روايته الأخرى عن أخيه صلوات الله عليه قال: سألته عن الكنيف يكون فوق البيت فيصيبه المطر فيكف فيصيب الثياب أيصلي فيها قبل أن تغسل قال: إذا جرى من ماء المطر فلا بأس، يصلي فيه (1) ولكن الانصاف أن هذه الرواية لا دلالة لها على اعتبار الجريان بل الظاهر منها أنه إذا جرى ما يكف من ماء المطر أي يشترط أن يكون ما يكف من ماء المطر لا من ماء الكنيف وأين هذا من اعتبار الجريان وهذه الأخبار - كما ترى - تدل على اعتبار الجريان في مطهرية المطر وبعض الأخبار المتقدمة (2) ليس فيها قيد الجريان ويمكن الجمع بينهما بأن مورد أخبار الجريان هو الكنيف أو المكان المعد لتوارد النجاسات وقيد الجريان لا لأجل كونه دخيلا في التطهير بل لأجل حصول الطهارة لجميع السطح بواسطة جريان المطر عليه حتى المكان الذي لم يصبه المطر فإنه يطهر أيضا بجريان ماء المطر على سطح الأرض ووصوله إليه فلا يمكن الحكم بطهارة السطح أو بطهارة ما يكف على الثياب على الاطلاق بل لا بد إما من قيد الجريان حتى يطهر جميع السطح وإما من قيد أن كل مكان أصابه المطر يطهر فقيد الجريان لدفع هذا الاطلاق لا أنه شرط في المطهرية فعلى هذا لا يعتبر في المطهرية الجريان بل يكفي كون المطر غالبا على النجاسة.