ومنها موثقة سماعة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " سألته عن الرجل يمر بالماء و فيه دابة ميتة قد أنتنت قال: إن كان النتن الغالب على الماء فلا تتوضأ ولا تشرب " (1) فإن لفظ الماء فيهما أريد به الجنس لا واحد من مياه العالم لأنه في مقام البيان لا الاجمال فالرواية الأولى دالة على أن الماء لا ينجس إلا إذا تغير أحد أوصافه بالنجس والثانية دالة - بمفهومها - على عدم تنجس مطلق المياه إذا لم تكن ريح الميتة الواقعة فيها غالبة على ريحها ومنها رواية حريز عمن أخبره عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " كلما غلب الماء على ريح الجيفة فتوضأ منه واشرب وإذا تغير الماء وتغير الطعم فلا توضأ ولا تشرب " (2) فإن لفظ الماء أيضا مطلق شامل لمطلق المياه ومنها رواية أبي بصير عنه عليه السلام حيث سأله عن الماء النقيع تبول فيه الدواب.
فقال: " إن تغير الماء فلا تتوضأ منه وإن لم يتغير من أبوالها فتوضأ منه وكذلك الدم إذا سال في الماء وأشباهه " (3) فإن المراد بالماء النقيع هو الماء الراكد وليس فيه التقييد بالكرية أو الجريان أو غيرهما فيشمل مطلق المياه إلا ما خرج بالدليل. والحاصل أنه يستفاد من هذه الأخبار أصل كلي و قاعدة كلية وهي عدم تنجس مطلق المياه إلا إذا تغير أحد أوصافه بالنجس وخرج من.
هذه الكلية الماء القليل والدليل على خروجه عن القاعدة الأخبار الكثيرة المعتبرة وهي صنفان:
الأول الروايات الدالة على عدم انفعال الكر بملاقاة النجس وسنوردها في موضعها انشاء الله تعالى فإنها دالة بمفهومها على انفعال ما دون الكر وهل يستفاد منها أنه ينفعل بجميع النجاسات أو ينفعل بالنجاسات في الجملة سيجئ تفصيله.