ولكن كل ذلك خلاف الظاهر ومناف لعمل معظم الأصحاب القسم الثاني من الأخبار الدالة على انفعال الماء القليل في الجملة هو مفهوم أخبار الكر.
فمن الأخبار صحيحة محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: الغدير فيه ماء مجتمع تبول فيه الدواب وتلغ فيه الكلاب ويغتسل فيه الجنب قال: إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه شئ (1).
وكذا الأخبار الكثيرة الدالة على أن الماء إذا كان قدر كر لم ينجسه شئ (2). فإن مفهومها انفعال الماء بملاقاة النجس إذا لم يبلغ حد الكر ولكن لا يخفى أن نقيض السالبة الكلية التي ذكرت في منطوق هذه الأخبار من قوله (عليه السلام) إذا كان الماء قدر كر لا ينجسه شئ - هي الموجبة الجزئية فلا يستفاد من مفهوم هذه الكلية إلا أن الماء إذا لم يكن قدر كر ينجسه شئ ما لا أنه ينجسه جميع الأشياء أو جميع النجاسات وحينئذ فيمكن أن يكون منجس الماء القليل هو الكلب أو الخنزير أو الخمر التي يستفاد من الأخبار تنجيسها للماء القليل.
كصحيحة لبقباق الواردة في سؤر الكلب قال عليه السلام في حق الكلب: إنه رجس نجس لا تتوضأ بفضله واصبب ذلك الماء واغسله بالتراب أول مرة ثم بالماء (3).
وسيجئ البحث في هذه الرواية مفصلا في مبحث الأواني انشاء الله تعالى.
وصحيحة محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن الكلب يشرب من الإناء قال: اغسل الإناء (4).
وصحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال: وسألته عن خنزير شرب من إناء كيف يصنع به قال: يغسل سبع مرات (5).
ومرسلة أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما يبل الميل من النبيذ ينجس حبا من ماء يقولها ثلاثا (6).