محلل مع قطع النظر عن الاستيذان منهم محمول على الاستيذان في مورد الاستثناء عن الحرمة ذاتا كما تشعر أو تدل عليه بعضها، وقد أشرنا إلى أنه لا اطلاق فيها يشمل مطلق التولي والتقلد فإذا لا منافاة بينهما بوجه، وكذا بينها وبين ما تشعر أو تدل على الارشاد فإن غاية ما فيها عدم الدلالة على الحرمة ذاتا لا الدلالة على عدمها، فلو كان فيها اشعار به فلا يقاوم ظهور غيرها كما لا يخفى.
فتحصل من جميع ذلك أن ما هو من قبيل المناصب والولايات وأمثالهما تحرم بعنوانين، أحدهما بعنوان التصرف العدواني، وثانيهما بعنوانها الذاتي.
وما لا يكون كذلك أي ليس من المناصب وشئون السلطنة والحكومة تحرم فيما تحرم بجهة واحدة وهي الدخول في أعمال السلطان وقد تقدم المراد منه، هذا إذا لم تنطبق عليه عناوين أخر كإعانة الظالم في ظلمه وتقوية شوكة الظالمين و نحوهما.
ثم إنه يسوغ الدخول في أعمالهم أمران أحدهما القيام بمصالح العباد وقد ادعى عليه الاجماع وعدم الخلاف، واستدل عليه الشيخ الأنصاري (1) بأن الولاية إن كانت محرمة لذاتها كان ارتكابها لأجل المصالح ودفع المفاسد التي هي أهم من مفسدة انسلاك الشخص في أعوان الظلمة بحسب الظاهر (وفيه) أن هذا الاستدلال أخص من المدعى فإن المدعى جواز الدخول والتولية لمصلحة ولو راجحة كما هو مورد دلالة الأخبار مضافا إلى أن المدعى استثناء المورد عن الحرمة كما اعترف به وتدل عليه الأخبار، لا من باب ترجيح أحد المتزاحمين، ولو آل الأمر إلى مزاحمة المقتضيات فقلما يمكن احراز أهمية الدخول في الولاية المحرمة من جهتين، بل قد تنطبق عليه عناوين محرمة أخر كتقوية شوكة الظالمين والإعانة للخلفاء الغاصبين إن قلنا بأن مطلق إعانتهم ولو في غير ظلمهم محرمة كما سبق الكلام فيه، فلا يمكن ترجيح مقتضيات المصالح ودفع المفاسد على مقتضياتها إلا نادرا.
فالأولى التمسك للمطلوب بالروايات الكثيرة الواردة في هذا المضمار وبيان