في الشبهات البدوية مع عدم العلم بهذه المرتبة من الأهمية.
وقد يتعلق العلم بالحجة كاطلاق دليل أو عموم عام أو نحو ذلك من ظاهر الكتاب والسنة، لا العلم بالتكليف الواقعي الفعلي، فاطلاق الكتاب يقتضي حرمة الميتة والخمر، كانتا معلومتين تفصيلا أو اجمالا أم مجهولتين، ولكن العلم بالاطلاق لا يلازم العلم الوجداني بالتكليف الواقعي الفعلي، وأن يلازم العلم بقيام الحجة على الواقع، لكن يحتمل وجدانا تخلفها عن الواقع وأن لا عذر للعبد مع قيام الحجة في التخلف عنها، وفي هذه الصورة لا مانع عقلا من الترخيص في المخالفة القطعية فضلا عن الاحتمالية.
وهذه الصورة هي التي ينبغي أن يبني عليها المباحث الآتية ومباحث العلم الاجمالي في باب الاشتغال، فمع عدم امتناع الترخيص في الأطراف جميعا أو بعضا يلاحظ مقتضى الأدلة المرخصة ويؤخذ بها، وإن اقتضت الترخيص في جميعها، فإن الترخيص في الجميع يلازم غمض العين عن التكليف الواقعي لمصالح أهم منه ولم لم نعلم بها، فالترخيص في جميع الأطراف في هذه الصورة كالترخيص في الشبهة البدوية والترخيص في العمل بالأمارات في امكانه، كما أن الجميع مشتركة في الصورة الأولى في الامتناع.
فمباحث العلم الاجمالي في باب القطع ينبغي أن تكون من قبيل الصورة الأولى كما أن مباحث العلم الاجمالي في باب الاشتغال كعدم تنجيزه في الشبهة الغير المحصورة أو في صورة الاضطرار إلى بعض الأطراف أو في صورة عدم الابتلاء به إلى غير ذلك من مباحث التنجيز واللا تنجيز والانحلال التعبدي وغير ذلك: ينبغي أن يبحث عنها في فرض الصورة الثانية، فإنه ساقطة مع الصورة الأولى كما لا يخفى على أولي النهى.
وبحثنا في المقام من قبيل الصورة الثانية، فمع فرض هذه الصورة لو كان العلم الاجمالي غير منجز كالشبهة الغير المحصورة أو كفرض الاضطرار إلى بعض الأطراف وغيرهما من موارد عدم التنجيز فحكمها حينئذ كالصورة الأولى بعين ما ذكر فيها.
ثم إنه حكي عن جماعة كراهة الأخذ ونحن وإن بنينا على عدم التعرض