فلا محالة ينبعث نحوها فتصور العطشان أن رفع العطش مترتب على شرب الماء بلا ضم ضميمة وتصديقه به يبعثه مع سائر المبادئ إلى ذات شربه بلا ضم ضميمة أجنبية عن التأثير وهو واضح.
وقد مر أن المؤثر في المعلول ذات العلة ولا يعقل أن تكون العلة ذاتها المتقيدة بترتب الأثر عليه، ففي المقام يكون ما قابل الأجر الصلاة بداعي أمر الله تعالى فلا محالة يكون الأجر داعيا ومحركا إلى ذات الصلاة بداعي الله تعالى من غير امكان دخالة الأجر واشتراكه مع داعي الله في اتيانها، للزوم تأخر المتقدم وتقدم المتأخر بالذات وإن شئت قلت إن تصور أخذ الأجر علة فاعلية الفاعل بساير المبادئ لايجاد الصلاة بداعوية أمرها، والصلاة بداعوية أمرها يترتب عليها الأجر فلا يعقل تجافي علة فاعلية الفاعل عن مقام عليتها وتقدمها ووقوعها في رتبة داعوية أمر الصلاة لايجادها. والانصاف أن القول بالتشريك أو التمحض في غير الله تعالى بالبيان المتقدم:
غير وجيه، بل دعوى أمر غير معقول كما مر.
ثم إنه على تسليم الداعي على الداعي أوردوا عليه بعدم اجدائه في وقوع الفعل امتثالا وقريبا حتى قال: بعض الأعاظم (1) أنه لو كان هذا اشكالا لكان أولى وأحق من أن يكون جوابا. وحاصل دعواهم: أن الامتثال والتقرب متوقفان على وقوع جميع الدواعي الطولية والعرضية إلهية، ومع كون بعض ما في السلسلة غير إلهي لا يقع الفعل عبادة، وفرقوا بين الغايات المترتبة على الأفعال بجعل إلهي وغيرها بأن ما كان بجعله تعالى يرجع إليه ولم يضر بقربيته دون ما كان لغاية غير الله تعالى. وبالجملة بعد تسالمهم على صحة العمل إذا كان الامتثال للطمع في أجر الله والخوف من عقابه استشكلوا في الغايات المتوقعة من غيره تعالى.
أقول قبل الورود في الجواب لا بد من التنبيه على أمر وهو أن في المقام قد يكون الداعي إلى امتثال أمر الله تاما مستقلا في نفسه بحيث ينبعث المكلف منه سواء كان في مقابله أجر أم لا، وقد يكون الداعي إليه مفقودا بحيث لولا الأجر لما كان آتيا