قد يحصل العلم بالحرمة قبل وقوعه في يده; وقد يحصل بعده، وقبل التعرض لحال الصور لا بأس بالإشارة إلى مفاد الأدلة الاجتهادية وحدود دلالتها.
فنقول منها موثقة سماعة (1) عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث " أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: من كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها فإنه لا يحل دم امرء مسلم ولا ماله إلا بطيبة نفس منه "، والظاهر من نفي الحلية في مقابل الحلية بطيب نفسه هي الواقعية لا الأعم منها ومن الظاهرية حتى يقال: باستفادة حكمين منها، أحدهما نفي الحل الواقعي واثباته لدى طيب نفسه، وثانيهما نفي الحلية الظاهرية الذي بمنزلة جعل الاحتياط عند الشك في طيب نفسه فكأنه قال: لا يحل ماله مطلقا واقعا وظاهرا إلا مع طيب نفسه فيحل معه واقعا، فيكون الاستثناء من قسم من المستثنى منه، فإن هذا الاحتمال مخالف للظاهر وموجب للتفكيك بين الصدر والذيل وأن لا يمتنع الجمع بينهما بجعل واحد.
وعلى ما استظهرناه ربما يقال: بجواز التصرف في أموال المسلم مع الشك في رضاه لو لم يحرز عدم رضاه بالأصل وهو مخالف فتوى العلماء، وسيرة العرف على ما حكى وادعى (وهو غير بعيد)، ويمكن الاستشهاد له بموثقة أبي بصير (2) في باب حرمة سب المؤمن عن أبي جعفر عليه السلام " قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله سباب المؤمن فسوق وقتاله كفر وأكل لحمه معصية وحرمة ماله كحرمة دمه " بدعوى كونه بصدد بيان الكيفية في حرمة المال لا أصل الحرمة بدليل تغيير أسلوب البيان فيها، ومقتضى اطلاق التشبيه وجوب الاحتياط لدى الشك كما وجب في الدم، ولذا اشتهر بينهم وجوبه فيه كما ى جب في الدم.
وربما يقال: إن الظاهر عرفا في مثل المورد الذي جعل الطيب سببا لجواز التصرف هو عدم جوازه إلا باحراز السبب وقيام الحجة (وفيه) أن الظاهر أنه بصدد