ومنها ما وردت في باب الربوا.
كصحيحة الحلبي (1) عن أبي عبد الله عليه السلام " قال: أتى رجل أبي فقال: إني ورثت مالا وقد علمت أن صاحبه الذي ورثته منه قد كان يربي وقد أعرف أن فيه ربا واستيقن ذلك وليس يطيب لي حلاله لحال علمي فيه، وقد سألت فقهاء أهل العراق وأهل الحجاز فقالوا: لا يحل أكله فقال أبو جعفر عليه السلام: إن كنت تعلم بأن فيه مالا معروفا ربا وتعرف أهله فخذ رأس مالك ورد ما سوى ذلك وإن كان مختلطا فكله هنيئا فإن المال مالك واجتنب ما كان يصنع صاحبه فإن رسول الله صلى الله عليه وآله قد وضع ما مضى من الرباء وحرم عليهم ما بقي فمن جهل وسع له جهله حتى يعرفه فإذا عرف تحريمه حرم عليه ووجب فيه العقوبة إذا ركبه كما يجب على كل من يأكل كل الرباء ".
وقريب منها صحيحته الأخرى (2)، ورواية أبي الربيع الشامي (3) " قال:
سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل أربى بجهالة ثم أراد أن يتركه قال أما ما مضى فله وليتركه فيما يستقبل ثم قال إن رجلا أتى أبا جعفر عليه السلام وذكر الحديث المتقدم.
وأنت خبير بأن مورد بحثنا بعد الفراغ عن الحكم الواقعي وعدم الفرق بحسب اطلاق الأدلة والطرق الاجتهادية بين المعلوم والمجهول أي كان الحكم متعلقا بنفس الطبيعة من غير قيد وإنما العلم كان طريقا محضا إلى الواقع.
وأما إذا اختلف الحكم الواقعي بحسب حال العلم والجهل فهو خارج عن محط البحث ونحن وإن لم تكن بصدد تنقيح المسألة المعنونة عند الفقهاء في باب الربا لكن من الواضح للمراجع أن المبحوث عنه عندهم في المال الربوي الحاصل بجهالة، والمال المورث ممن كان يربي هو الحكم الواقعي فذهب ابن الجنيد إلى التفصيل بين المختلط و المعزول في الربا بجهالة وفي المورث ممن يربى، وقواه بعض المتأخرين استنادا إلى تلك الروايات فيظهر أن مورد كلامهم غير ما نحن بصدده.