بأنه بصدد بيان حكم آخر، هو أكبرية هذا من ذاك بعد الفراغ عن أصل الحكم فلا يجوز التمسك باطلاقه.
ومنها غير ذلك مما هو ضعيف سندا أو دلالة أو جميعا كما عن النبي صلى الله عليه وآله " من أعظم الخطايا اللسان الكذوب " (1)، وعن علي عليه السلام " وعلة الكذب أقبح علة (2) " وعنه عليه السلام " ولا سوئة أسوء من الكذب (3)، وعن النبي صلى الله عليه وآله " وإياكم والكذب فإنه من الفجور وأنهما في النار (4) "، وعن كتاب الغيبة للفضل بن شاذان بسند صحيح عن عبد الله بن العباس (5) قال: " حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله " ثم حكى عنه ما هو من أشراط الساعة إلى أن قال: " ويكون الكذب عندهم ظرافة فلعنة الله على الكاذب وإن كان مازحا "، وفي دلالتها اشكال لأن اللعن لا يدل على كبر المعصية فتحصل مما ذكر عدم قيام دليل على كون الكذب بنحو الاطلاق من الكبائر، نعم لا شبهة في كونه كبيرة في الجملة لأن الأخبار الدالة عليه مستفيضة بل لعلها متواترة من طرق الفريقين والمتيقن منه الكذب على الله وعلى رسوله والأئمة عليهم السلام وشهادة الزور والتهمة بناء على كونها من مصاديق الكذب.
وأما لو قلنا إنها أعم من وجه منه فحاله كالنميمة مما دلت الروايات على كونها كبيرة فإذا انطبقت على الكذب لا يوجب صيرورته كبيرة فإن الحكم المتعلق على عنوان لا يسري إلى عنوان آخر متحد معه في الوجود، كما أنه لو صار موجبا لفساد لا يوجب ذلك حرمته لأجله فضلا عن صيرورته كبيرة كما مرت الإشارة إليه.
بل يمكن أن يقال: إن الكذب في غير ما دل الدليل على كونه كبيرة كالموردين المتقدمين من الصغائر لرواية أبي بصير (6) قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: " إن العبد ليكذب حتى يكتب من الكذابين فإذا كذب قال الله تعالى: كذب وفجر "، و