وأما رواية الحسين بن زيد (1) عن الصادق عليه السلام في مناهي رسول الله صلى الله عليه وآله " قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من تولى عرافة قوم أتى به يوم القيامة ويداه مغلولتان إلى عنقه فإن قام فيهم بأمر الله عز وجل أطلقه الله وإن كان ظالما هوى به في نار جهنم "، وقريب منها غيرها: فلا تدل على المقصود، لأنها بصدد بيان التحذير عن الدخول في الرياسة حتى مثل رياسة قبيلة، لا في مقام بيان جواز الرياسة فضلا عن الرياسة من قبلهم حتى يؤخذ باطلاقها.
ويحتمل أن تكون في مقام بيان أن الرئيس إن كان عادلا فكذا وإن كان ظالما فكذا، وهي نظير قوله: العالم إن كان عادلا يجوز حكمه وقضائه وإن كان فاسقا فلا حيث لا تعرض له لجواز تحصيل العلم ولا يجوز التمسك باطلاقه له.
ثم إن في المقام روايات ربما يقال بالتعارض بينها في نفسها وبينها وبين الروايات المتقدمة المجوزة للدخول في أعمالهم لغرض القيام بمصالح العباد، كذيل رواية تحف العقول حيث " قال: فلذلك حرم العمل معهم ومعونتهم والكسب معهم إلا بجهة الضرورة نظير الضرورة إلى الدم والميتة ". وظاهرها بملاحظة التنظير الضرورة في المعاش، لا الاضطرار في الدخول للخوف منهم فتكون نحو موثقة عمار (2) عن أبي عبد الله عليه السلام " سئل عن أعمال السلطان يخرج فيه الرجل قال: لا إلا أن لا يقدر على شئ يأكل ولا يشرب ولا يقدر على حيلة فإن فعل فصار في يده شئ فليبعث بخمسه إلى أهل البيت ". وظاهرهما عدم جواز الدخول إلا عند الاضطرار في المعاش.
وفي رواية محمد بن إدريس (3) المتقدمة " ما كان المدخل فيه بالجبر والقهر فالله قابل العذر وما خلا ذلك فمكروه ". والمراد بالمكروه المحرم بلا ريب بقرينة المقام وبقرينة ذيلها الآتي فهي تدل على عدم الجواز إلا في مورد القهر والجبر.