قلنا: على ظلمهم، لأن ذكر مثل الدواة والقلم والكيس في تلك الروايات مما هي آلات الظلمة سيما الحكام في ظلمهم لانفاذ الأحكام وجمع المظالم: دليل على اختصاص الإعانة بمورد الظلم والمذكورات من الموارد الخفية للإعانة على الظلم لا مطلق الإعانة على الظالم، فلو كان المراد الثاني لكان عليه ذكر غيرها مما لا دخل له في ظلمهم كاعطاء كأس ماء ونحوه.
وأما مرسلة عوالي اللئالي (1) " أنه دخل على الصادق رجل فمت له بالأيمان أنه من أوليائه فولى عنه وجهه فدار الرجل إليه وعاود اليمين فولى عنه فأعاد اليمين ثالثة فقال عليه السلام له: يا هذا من أين معا شك فقال: إني أخدم السلطان وأني والله لك محب فقال: روى أبي عن أبيه عن جده عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: إذا كان يوم القيامة نادى مناد من السماء من قبل الله عز وجل: أين الظلمة أين أعوان الظلمة أين من برأ لهم قلما أين من لاق لهم دواة أين من جلس معهم ساعة فيؤتى بهم جميعا فيؤمر أن يضرب عليهم بسور من نار فهم فيه حتى يفرغ الناس من الحساب ثم يؤمر بهم إلى النار ".
فهي مع ضعفها واشتمالها على ما لا يمكن الالتزام به: ظاهرة في أن الرجل كان معروفا عند أبي عبد الله عليه السلام ولهذا ولى عنه وجهه، ولعل خدمته كانت من قبيل ما صدق عليه الظلم أو الإعانة عليه، فلا دلالة فيها على حرمة مطلق العون.
فتحصل من جميع ذلك أن الروايات المتقدمة لا تدل إلا على حرمة إعانة الظالم في ظلمه كما صرح بالقيد في بعضها وهي ظاهر الروايات الأخيرة بل وغيرها.
وأما ما في بعض الروايات (2) " من علق سوطا بين يدي سلطان جائر جعلها حية طولها سبعون ألف ذراع فيسلط الله عليه في نار جهنم خالدا فيها مخلدا ":
فموردها الإعانة على الظالم في ظلمه بل لا يبعد أن يكون المراد منه ولو بمناسبة الحكم والموضوع هو السواط الذي كان شغله ضرب المظلومين والمجرمين بنظر حاكم الجور فهو من الظلمة ومعين الظلمة في ظلمهم