الأجر والثواب من الجاعل والمولى فمع صدقها يسقط أمر الثالث بلا ريب ولو كان الامتثال والإطاعة معتبرة فيه.
وليست الإطاعة في الأوامر العقلائية مخالفة لها في الأوامر الإلهية، فكما تحصل في مورد المثالين تحصل في أمره تعالى بلا افتراق من هذه الجهة بينهما وكما يسقط أمر الثالث في موردهما تسقط أوامر الله في نظائر الموردين.
واستحقاق الأجر والثواب وحصول القرب ليس شئ منها معتبرا في وقوع العمل عبادة، ولهذا أنكر طائفة من المتكلمين والفقهاء استحقاقهما في إطاعة أوامر الله تعالى ولا يحصل العلم بالقرب الفعلي في العبادات، وببالي أن المحقق القمي رحمه الله قال في موضع من القوانين إن عبادتنا لم يحصل بها القرب بل لعلها موجبة للبعد ومع ذلك لا ينكرون صحتها وسقوط الأمر بها، وتدل على عدم الملازمة بين الصحة و حصول القرب واستحقاق الثواب روايات مستفيضة دالة على أن المقبول من الصلاة ما يؤتى بها باقبال القلب وإنما يصعد منها ما كان كذلك (1)، فلا يعتبر في صحة العبادة غير ما تقدم، وليس الكلام في المقام في الرياء ولعل فيه بحسب الأخبار تضييق ليس في غيره من الأمور المباحة.
وبما مر من المراد من الداعي على الداعي يظهر سقوط قول بعض الأفاضل (2) حيث قال: والحق بطلان الداعي على الداعي وإن بنى معظم أساتيذنا تصحيح أخذ الأجر في العبادات على أساسه. وأنت لو تأملت علمت أن الداعي أعني المحرك الباعث إلى العمل لا يعقل في غير الأفعال الاختيارية، ودعوة الأمر ليست فعلا من أفعال المكلف فضلا عن أن يكون اختياريا ومع ذلك كيف يعقل أن يدعو أمر إلى أن يكون أمر آخر داعيا.
وهل الداعي يكون عن داع مع أنه يلزم التسلسل في الدواعي " انتهى ".
وأنت خبير بأن حكمه ببطلان ما ذهب إليه معظم الأساتيذ ناشئ من قلة التدبر