ثم إن هناك الاستدلالات ضعيفة لا يحتاج في دفعها إلى زيادة مؤنة من عدم ترتب آثار الملك على العمل من الابراء والإقالة، ومن لغوية بذل العوض بما يتعين على الأجير، ومن أن الواجب تعود منفعته إلى الأجير، فأخذ الأجر عليها أكل للمال بالباطل، ومن أن أدلة إنفاذ العقود قاصرة عن الشمول للمورد أو شك في شمولها، و من أن المتبادر من ايجاب شئ طلبه مجانا إلى غير ذلك.
ويمكن الاستدلال على المطلوب بأن جل الواجبات العينية التعيينية كالصلاة والصوم والحج ونحوها اعتبر فيها مضافا إلى أصل الوجوب كونها على ذمة العبد نحو الديون الخلقية.
أما الحج فلظاهر قوله تعالى ولله على الناس حج البيت (1) (الخ) فإن اعتبار " له " عليه غير اعتبار الإيجاب وقد ورد في روايات اطلاق الدين عليه كرواية الخثعمية وغيرها.
ومن الممكن استفادة هذا الاعتبار من قوله تعالى كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم (2) ومن قوله تعالى إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا (3) " تأمل " مع أن وجوب قضاء الواجبات أقوى شاهد على ذلك الاعتبار فإنه لو كان الحج مثلا واجبا عليه تكليفا محضا بلا اعتبار كونه عليه لما كان معنى لقضائه عنه بعد موته، لأن التكليف ساقط عنه بل غير متوجه به، فلا بد وأن يكون في عهدته شئ لم يسقط عنه بسقوط التكليف وسقط باتيان الغير كالولد الأكبر وغيره وليس إلا اعتبار أمر وضعي وكون تلك الواجبات دينا عليه، ولا محالة يكون الدائن الطالب هو الله تعالى.
إلا أن يقال بمقالة علم الهدى: من أن القضاء ليس نيابة عن الميت وإنما هو واجب أصلي خوطب به القاضي وسببه فوات الفعل من الميت والميت لا يثاب عليه.