الجعل في سم الخياط، ضرورة عدم التلازم بينهما بل بصدد بيان استحالة دخولهم الجنة بالتعليق على محال عادي، وبالجملة نظائر هذا الكلام كناية عن عدم التحقق أو استحالته لا اخبار بالملازمة كما هو واضح.
ثم إن الظاهر أن الأخبار المطلقة متصرفة عن الكذب في مقام الهزل وإن فرض الاخبار بالواقع لهذا الغرض، لكن مع قيام قرينة حالية أو مقالية شاهدة على الهزل كما لو كان المجلس من المجالس التي أعدت له، بل لا يبعد الانصراف عن أخبار غير مفيدة كما لو أخبر بخلاف واقع واضح لا يؤثر في المخاطب شيئا كالاخبار ببرودة النار وحرارة الثلج، بل ولو كان غير مفيد لمخاطب خاص كما لو علم المتخاطبين كذب القضية فإن المتفاهم من أخبار الباب والاشعارات التي فيها هو حرمة الكذب في الأخبار المتداولة المعمولة بين الناس، لإفادة مضمونها كقوله مما أعان الله به على الكذابين النسيان (1) وقوله: إن الكاذب على شفاء مخزاة وهلكة (2) وقوله: العبد إذا كذب كان أول من يكذبه الله ونفسه يعلم أنه كاذب (3)، إلى غير ذلك، وبناء على انصراف الأخبار عن الهزل لا يمكن اثبات حرمته بما وردت في الكذب هزلا فإنها وإن كانت مستفيضة فلا ينظر إلى ضعف اسنادها مع أن بعضها لا يخلو من حسن، كرواية الأصبغ لكن فيها ما لا تدل على الحرمة كرواية الأصبغ (4) والحارث الأعور (5) بل مرسلة سيف بن عميرة (6) فإن قول علي بن الحسين (ع) على ما في الرواية لولده في مقام النصيحة لتهذيبهم عن الذمائم لا يدل على التحريم مع أن في مادة التقوى أيضا اشعارا بعدمه فلا يبعد أن يكون الأمر لمجرد الرجحان.
بل يمكن الخدشة في دلالة رواية أبي ذر (7) وفيها " يا أبا ذر ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك به القوم، ويل له ويل له " فإن انشاء الويل أعم من التحريم ولو سلمت