كون المرأة خلية فلا تتصف لأجله بهما، وأما قضية جواز مدح من يستحق الذم أو العكس فهي أمر آخر.
ثم " إن التحقيق " أن الميزان في صدق المتكلم وكذبه استعمال الجملة الاخبارية في معنى موافق أو مخالف للواقع فمع عدم الاستعمال فيه أو الاستعمال في معنى مخالف لظاهر الكلام المخالف للواقع لم يكن كاذبا إذا كان المعنى المراد موافقا للواقع، فالمتلفظ بألفاظ مهملة لا يكون كاذبا إذا لم يستعملها في معنى، وكذا المتلفظ بألفاظ لا يعلم اللافظ أنها موضوعة أو مهملة أو لا يعلم مضمون الجملة مطلقا أو لا يعلم أنها انشائية أو اخبارية، كل ذلك بشرط عدم الاستعمال في خصوص معنى مخالف للواقع ولو غلطا وعلى خلاف قانون الوضع.
ولو علم أن لها معنى كاذبا اجمالا من غير العلم بخصوص المعنى ولو اجمالا، فلا يبعد عدم الاتصاف به، ويحتمل الاتصاف إذا ألقى الكلام لإفادة المعنى الواقعي، ولو علم أن مضمونها إما هذا أو ذاك وكان أحدهما موافقا والآخر مخالفا، فإن ألقى الكلام بلا استعمال في المعنى الكاذب أو في المعنى الواقعي لا يكون كاذبا، وإلا فعلى الأول كاذب وعلى الثاني لو صادف المخالفة لا يبعد أن يكون كاذبا.
ولو علم أن الجملة موضوعة لخصوص معنى غير موافق للواقع لكن لا يعرف معنى ألفاظها بأن لا يعلم أن في قوله: رأيت أسدا أي لفظ بمعنى الحيوان المفترس و إن علم أن مضمون الجملة مفيد لرؤيته، فحينئذ إن استعمل مجموع الجملة في المعنى:
يكون كاذبا مع عدم الموافقة، وإن لم يكن استعماله على قانون الوضع وكان غلطا نظير أن يستعمل الأسد في رجل بلا نصب قرينة وقال: رأيت أسدا وأراد زيدا وكان مخالفا للواقع: فإنه كاذب بلحاظ هذا الاستعمال وإن كان صادقا بحسب ظاهر لفظه بأن رأى أسدا وبالجملة الميزان في الكذب والصدق مخالفة المعنى المستعمل فيه وموافقته للواقع، لا صحة الاستعمال.
هذا إن استعمل مجموع الجملة في المعنى بلا لحاظ استعمال المفردات، وأما إن لاحظ استعمالها، فإن استعمل خصوص بعض الألفاظ في خصوص بعض المعاني و