وأما احتمال كون المذكورين في رواية محمد بن إسماعيل ونظائرها من غير المتقلدين لأمرهم بل من أشراف البلد الذين لهم ذهاب واياب في أبوابهم: فهو خلاف ظاهر قوله: " ومكن له في البلاد " (الخ) بل خلاف ظاهر قوله: بأبواب الظالمين، سيما مع كون الراوي لها مثل محمد بن إسماعيل ولبعضها علي بن يقطين وهما متقلدان لأعمالهم، ولعلها صادرة لترغيبهم في البقاء على بابهم.
وتشهد له رواية محمد بن عيسى بن يقطين (1) " قال: كتب علي بن يقطين إلى أبي الحسن عليه السلام في الخروج من عمل السلطان فأجابه: أني لا أرى لك الخروج من عمل السلطان، فإن لله عز وجل بأبواب الجبابرة من يدفع بهم عن أوليائه وهم عتقائه من النار فاتق الله في إخوانك أو كما قال " ومنها يظهر المراد من قوله في رواية ابن بزيع " إن لله بأبواب الظالمين " (الخ).
فهذه جملة من الروايات، ونحوها جملة وافرة أخرى متوافقة المضمون دالة على جواز الدخول في أعمالهم لاصلاح حال المؤمنين والقيام بمصالحهم، وتظافرها وكثرتها أغنيانا عن النظر إلى الاسناد والمصادر للوثوق والاطمينان بصدور جملة منها مع أن فيها صحيحة الحلبي (2) المتقدمة، وصحيحة علي بن يقطين (3) قال: قال لي أبو الحسن موسى بن جعفر عليه السلام إن لله تبارك وتعالى مع السلطان أولياء يدفع بهم عن أوليائه " بناء على أن قوله ذلك لترغيبه في بقائه على شغله كما تشهد به مضافا إلى رواية محمد بن عيسى المتقدمة روايته الأخرى (4) أنه كتب إلى أبي الحسن موسى عليه السلام " قال:
أن قلبي يضيق مما أنا عليه من عمل السلطان وكان وزيرا لهارون فإن أذنت جعلني الله فداك هربت منه فرجع الجواب لا إذن لك بالخروج من عملهم واتق الله أو كما قال ". واحتمال التقية بعيد ولو بملاحظة سائر الروايات.