اليأس عن معرفة صاحبه، ضرورة أن الأمر بالطلب لا يحسن إلا في مورد الاحتمال العقلائي بالمعرفة إذ الطلب بدونه لغو فالأمر فيها محمول على مورد الرجاء وعدم اليأس مع أن في نفسها شواهد على ذلك ولو فرض الاطلاق في بعضها يجب تقييده بمثل صحيحة يونس بن عبد الرحمن المتقدمة، فالقول بالتخيير بين التصدق والحفظ في غير محله بعد كون الحكمين في موردين ورتبتين إذ مع الرجاء يجب الفحص ولا يجوز التصدق ومع اليأس مورد التصدق لو قلنا به.
فتحصل من جميع ذلك أن مقتضى الأدلة والقواعد وجوب الفحص ومع اليأس الرجوع إلى الحاكم ولكن مؤنة الحفظ وغيره على الآخذ كمؤنة الفحص.
هذا كله لو لم نقل باطلاق حسنة داود بن أبي يزيد أو صحيحته وقلنا باختصاصها باللقطة، وإلا فالأمر أوضح لحكومتها على الأدلة الآمرة بالتصدق فيكشف منها أن الأمر به من قبيل الإذن (نعم) لو قيل بدلالة الروايات على الإذن الكلي لا يبقى مجال للبحث ولا ثمرة له، لعدم لزوم الرجوع إلى النواب بعد إذنهم العام.
إلا أن يقال إذن كل إمام معتبر حال حياته كإذن النواب لكنه غير وجيه بل لعله خلاف أصول المذهب، فالأحوط بل الأقوى وجوب الرجوع إلى الحاكم للاشكال في رواية ابن أبي يزيد كما تقدم وعدم اطلاق في الباب، ولا اعتماد على الشهرة المحكية بما مر لكن مع ذلك لا يبعد عدم لزوم الارجاع إلى الحاكم لكثرة موارد الأمر بالتصدق في مجهول المالك مع السكوت عن الارجاع إلى الحاكم، وقوة احتمال الاطلاق في بعض الروايات كصحيحة ابن مسلم وأوضح منها رواية أبي أيوب مؤيدة بالشهرة المنقولة لكن الأحوط التصدق بإذن الحاكم وتوكيله.
ولا ينبغي الريب في أن مصرف المال التصدق بعد اليأس كما هو مفاد الأدلة و مقتضى قاعدة لزوم ايصال المال إلى صاحبه حتى الامكان فإن الحفظ مع اليأس يعد لغوا، وتؤيده الروايات الواردة في مجهول المالك وإن اختلفت مواردها.
ثم لو قلنا بتعين التصدق عليه فتصدق فجاء صاحبه ولم يرض به فهل يضمن مطلقا أو لا كذلك، أو يفصل بين يد الضمان وغيره.