شئ إلا الدم وعدم جواز دفع الضرر المتوجه إليه إلى غيره.
هذا كله مضافا إلى دليل الحرج، لأن ايجاب تحمل الضرر لدفع الضرر المتوجه إلى الغير حرجي بخلاف عدم تجويز دفع الضرر المتوجه إليه بايقاعه على غيره.
وما قيل إن ذلك في غير الفاعل الشاعر وأما هو فمباشرته جزء أخير من العلة التامة الموقعة للغير في الضرر، وتجويز هذه المباشرة تجويز للاضرار بالغير دفعا للضرر المتوعد به عن نفسه وهو قبيح مخالف للامتنان (مدفوع بما مر); وكون مباشرة الفاعل جزء أخيرا لوقوع الضرر لا يوجب عدم كون الضرر متوجها إلى الغير ابتداء ولو باستعمال الفاعل الشاعر كرها فإن إرادة المكره بالكسر توجهت إلى الاضرار بالغير أولا ثم أراد تحصيله بوسيلة المكره إرادة غيرية مقدمية، فالمكره لو تحمل الضرر اللازم للتخلف عن أمره فإنما تحمله لصرف الضرر عن غيره وهو حرجي نفاه الشارع منة على العباد، وكون الفاعل شاعر ألا يدفع ما هو مناط في المقام.
ولعمري إن ما أفاده شيخنا الأنصاري في غاية السداد، وما قال بعضهم اشكالا عليه; وقد أشرنا إلى عمدته وجوابها (غير سديد) فراجع تعليقة الفاضل الإيرواني على المكاسب، وقد تحصل من جميع ما ذكرناه شمول أدلة الاكراه لمطلق المحرمات سواء كانت متعلقة لحق الناس أم لا.
ثم إن هاهنا موارد يمكن القول باستثنائها من تلك الكلية قد ذكرناها في رسالة التقية ونذكر بعضها هاهنا.
منها بعض المحرمات التي في ارتكاز المتشرعة من العظائم والمهمات جدا، كمحو كتاب الله الكريم والعياذ بالله بجميع نسخه وتأويله بما يخالف الدين أو المذهب بحيث يوجب ضلالة الناس والرد على الدين أو المذهب بنحو يوجب الاضلال وهدم الكعبة المعظمة ومحو آثارها، وكذا قبر النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام كذلك إلى غير ذلك. فإن الظاهر أن الأدلة منصرفة عن أمثال ذلك سيما بعضها، وإنما شرعت التقية لبقاء المذهب الحق ولولاها لصارت تلك الأقلية المحقة في معرض الزوال و الاضمحلال والهضم في الأكثرية الباطلة وتجويزها لمحو المذهب والدين خلاف غرض