هو كاذب في مقالاته إنه كذب عمدا، ولا أقل من اشعاره بذلك، وهو نحو إهانة بالطرف أو خلاف أدب، بل قد يكون سلب انتساب بعض القبائح موجبا للهتك والإهانة فيحترز الناس عنه، فإن في السلب أيضا اشعارا بالذم فلا يقال للرجل الشريف: إنه ليس بسارق ولا زان.
فعدم انتساب الكذب، للاحتراز عن الإهانة، ولهذا نرى احترازهم عن ذلك مختلفا باختلاف عظمة الطرف، فاستعمل الخطأ والاشتباه ونحوهما مكانه وشاع الاستعمال فصار منشأ لتوهم عدم الصدق وإلا فلا ينبغي الاشكال في صدق الكاذب على من أخبر بكلام مخالف للواقع، وإنما يختص ما ذكرناه بالكلام والأقوال دون الأفعال فيقال لمن شرب الخمر خطأ: إنه شربها وهكذا فلعله لكثرة الاطلاع بالأقوال المخالفة للواقع خطأ فإن الكتب ملؤ من ذلك، فصارت كثرة استعمال الخطأ ونحوه منشأ لذلك بخلاف الاشتباه في الأفعال، فإن الابتلاء بها قليل في موارد الاستعمال " فتدبر ".
ثم إن التفتازاني (1) فسر قول صاحب التلخيص: صدق الخبر مطابقته للواقع، بمطابقة حكمه، فلا يخلو مراده منه، إما الحكم النفساني والادراك بأن هذا ذاك أو غيره، أو الادراك بوقوع النسبة أو لا وقوعها، كما يؤيده قوله بعد ذلك في مقام الجواب عن الاشكال بأن القضية المشكوك فيها ليست متصفة بصدق ولا كذب، لعدم الحكم فيها: إن الحكم بمعنى ادراك وقوع النسبة أو لا وقوعها، و حكم الذهن بشئ من النفي والاثبات وإن لم يتحقق، لكن إذا تلفظ بالجملة الخمرية مع الشك، بل مع القطع بالخلاف، فكلامه خبر لا محالة (انتهى ملخصا) فيكون حاصل مراده أن ادراك النفس وحكمها بأن هذا ذاك، أو ادراكه بوقوع النسبة أو لا وقوعها متصف بالكذب أولا وبالذات; ولأجله يتصف الخبر به.
وفيه ما لا يخفى، فإن لازمه أن المخبر بقوله: السماء تحتنا، مع اعتقاده بأنها فوقنا لا يكون صادقا ولا كاذبا، ولا مقالته صدقا ولا كذبا، لأن اعتقاده وادراكه