فاطلاق أدلة الاكراه والتقية محكم، كما أن غير المؤمن من سائر الفرق خارج عن مصب الروايات وأن التقية جعلت لحقن دم المؤمن خاصة ومقتضى العمومات جواز قتل غيرهم بالاكراه وحال الضرورة.
ثم الظاهر أن الدم كناية عن القتل بأي سبب كان بإراقة الدم أو غيرها، وما دون القتل جرحا كان أو غيره خارج وداخل في جواز التقية أو وجوبها.
التنبيه الثاني أن ما ذكرناه إنما هو في الاكراه والتقية إلا كراهية ولا بأس بالإشارة إلى حكم سائر أقسامها من التقية المداراتية المشروعة لمراعات حسن العشرة معهم - والتقية الخوفية المشروعة لحفظ الشأن من شؤون الشيعة سواء كان من المتقي أو غيره من إخوانه المؤمنين، والتقية الكتمانية في مقابل الإذاعة و والافشاء الواجبة لكتمان سرهم كما وردت في كل منها أخبار عديدة. فهل يجوز جميع أقسام التقية لما دون الدم فيجوز الاضرار بالغير مالا وعرضا لقسم من الأقسام المتقدمة أم لا.
ربما يقال: إن مقتضى صحيحة محمد بن مسلم (1) وموثقة أبي حمزة (2) العموم لأن الظاهر منهما أن التقية فيما عدا الدم مشروعة كائنا ما كان، وكانت التقية ما كانت وهو مقتضى عموم مرسلة الصدوق (3) " والتقية في كل شئ حتى يبلغ الدم فإذا بلغ الدم فلا تقية ".
ويمكن المناقشة فيه بأن الروايتين الأولتين إنما سيقتا لإفادة عدم التقية في الدم وأنه إذا بلغت الدم فلا تقية ولا شبهة في اطلاقهما من هذه الجهة وفي هذا الحكم أي حرمة التقية في الدم فيستفاد منهما السلب الكلي في الدم وأما في غيره فلا يستفاد منهما الإيجاب الكلي بمعنى جواز جميع أنحاء التقية في غيره فيظهر منهما أنه مع عدم بلوغها الدم ففيه تقية بنحو الاجمال، لا بنحو الاطلاق والكلية بحيث يظهر منهما مشروعيتها بجميع أنحائها وأقسامها المتقدمة، وذلك من غير قرق بين القول بالمفهوم