من الرواية، وكيف كان لا يمكن فهم حكم المقام منها.
ثم بعد الفحص واليأس يقع الكلام في تكليفه على حسب القواعد قال السيد الطباطبائي: مع قطع النظر عن النصوص الاحتمالات عديدة: وجوب التصدق، ووجوب الامساك والوصية به حين الموت، ووجوب الدفع إلى الحاكم، والتخيير بين اثنين منها أو الثلاثة، ثم قال وجه الثالث أن الحاكم ولي الغائب فيجب الدفع إليه لأنه بمنزلة الدفع إليه ولا بأس به، وإن كان في تعينه نظر إلا أن يقال: إذا جاز وجب لأنه القدر المتيقن حينئذ لكنه مشكل لامكان تعين الأولين أيضا (نعم) الوجه الأول يمكن دفعه بما ذكره المصنف من أنه مع الشك يكون الأصل الفساد.
لكن يمكن أن يقال: إن الأصل المذكور لا يقتضي حرمة التصدق حتى يتعين الآخر، لأن المفروض احتمال وجوبه كما يحتمل وجوب غيره والعقل حاكم بالتخيير في مثل ذلك فيجوز التصدق بمعنى الدفع إلى الفقير وإن كان لا يجوز له أخذه ولا للمتصدق ترتيب آثار الملك عليه والثمر هو جواز الدفع بدون الاعلام فيجوز له التصرف حينئذ " انتهى ".
(وفيه) أن مقتضى عدم حلية مال امرء مسلم إلا بطيبة نفسه وحرمة ابقاء التسلط و الاستيلاء عليه عدوانا وبلا حق: حرمة التصرف فيه بالتصدق وحرمة الامساك فيندفع احتمالهما تعيينا أو تخييرا، فيبقى احتمال وجوب الرد إلى الحاكم، ولا يدفع بما ذكر، بل مقتضى ولاية الحاكم وكونه بمنزلة صاحبه وجوب الرد إليه تخلصا عن الامساك المحرم أو توسلا إلى الواجب إن قلنا بوجوب الرد والايصال شرعا، لحكومة دليل ولايته على دليل عدم حل مال المسلم ودليل وجوب رد المغصوب، فتحصل منه أن غير احتمال الرد إلى الحاكم مدفوع بالدليل.
مضافا إلى أنه مع فرض جريان أصالة فساد الصدقة وأصالة عدم وقوعه صدقة لا يبقى مجال للرد إلى الفقير بغير جهة الصدقة، لعدم احتمال جواز اتلاف مال الغير واعطائه بالفقير بغير وجه الصدقة فضلا عن احتمال وجوبه، فالمحتمل مدفوع بالأصل، وغير الصدقة لا يحتمل، فمقتضى القواعد مع الغض عن النصوص الخاصة وجوب