وبالجملة لا بد في نفي الموضوع التكويني الموجود خارجا من ادعاء ومصحح له، فقد يكون المصحح ندرة الوجود، وقد يكون عدم ترتب آثار الوجود عليه، وقد يكون عدم ترتب الأثر المتوقع منه عليه، وقد يكون ممنوعية وجوده وسد طرق تحققه تشريعا وليس في المقام مصحح غير الأخير، مع أن فهم الأصحاب ذلك من الروايات أيضا من المؤيدات القوية لو لم نقل من الحجج الكافية ودليل على الظهور العرفي: فتردد بعض المدققين (1) فيه في غير محله.
ثم إنه لو قلنا بعدم استفادة أحد الوجهين منها أو استفادة الوجه الثاني من الوجهين فقد يقال: بمعارضة دليل حرمة القتل لدليل حرمة ايقاع النفس في الهلكة ومزاحمة الحكمين أو مزاحمة حرمة قتل النفس لحرمة التسبيب لقتل النفس المحترمة أي نفس من يتعلق به إذا كان الايعاد بقتله ولا دليل على الترجيح فيتخير بينهما (نعم) قد يتحقق الترجيح والأهمية في أحد الطرفين كما لو أوعده على قتل بعض متعلقيه لو لم يقتل جماعة عديدة أو أوعده على قتله وقتل جميع متعلقيه لو لم يقتل واحدا.
أقول: في دوران الأمر بين مباشرة القتل وبين محرم آخر دونه لا ينبغي الاشكال في أقلية محذور ارتكاب الثاني وعدم مزاحمته لمقتضى القتل، والايقاع في الهلكة في المقام ليس قتل نفسه مباشرة ولا تسبيبا، بل لما أمكنه صرف شر الغير عن نفسه كان ذلك الصرف واجبا ولو عقلا أو عدم صرفه نحو ايقاع لها في الهلكة، فصرف شر الغير عن نفسه واجب أو الايقاع في الهلكة بهذا المعنى حرام لكنه دون حرمة مباشرة القتل، ألا ترى أنه لو دار الأمر بين قتل جابر نفسا محترمة وبين قتلك نفسا محترمة أخرى لا يمكن القول بالتخيير بين القتل مباشرة لحفظ النفس المحترمة وترك المباشرة وايقاع الغير في الهلكة بدعوى مزاحمة المقتضيين و عدم الترجيح.
وأما قوله في دوران الأمر بين قتل المكره بالفتح شخصا وقتل المكره بالكسر