لكن لا يكون علة تامة له.
نعم يمكن أن يقال: إن المقصود بالرواية أن الخمر صارت محرمة لأجل تلك المفاسد لا لكون سبب المحرم محرما بل كونها مفتاحا لأقفال الشرور صار نكتة لجعل التحريم القانوني على جميع مصاديقها، وللتوعيد عليها بالعذاب فصارت كبيرة، ولما كان الكذب شرا منها تكون شريته نكتة لجعل الحرمة على جميع مصاديقه ولكونه كبيرة.
إلا أن يناقش فيه بأن تلك المفاسد لو كانت علة للحرمة وكونها كبيرة لكان لما ذكر وجه، لأن المعلول تبع لعلته في التحقق والشدة والضعف والكمال والنقص.
لكنه احتمال فاسد لعدم دوران الحرمة مدارها، بل عدم دوران كون الخمر كبيرة مدارها كما لا يخفى. وأما إذا كانت المفاسد نكتة الجعل فلا بد في اثبات مقداره وكيفيته من دليل.
لما في الخمر فيظهر من جملة من الروايات: أن جميع مصاديقها كبيرة قليلها وكثيرها، وأن نكتة ذلك هي ما تترتب عليها من المفاسد كصيرورة العبد بحال لا يعرف ربه، وصيرورته مشركا وغير ذلك، ولا دليل على أن الكذب إذا كان ببعض مصاديقه شرا من الشراب بالمعنى المتقدم: صار ذلك علة لجعل الحكم على جميع مصاديقه على نحو القانونية. بل لعل شريته صارت موجبة لجعله على خصوص ما يترتب عليه ذلك لا مطلقا، وذلك للفرق بين الخمر والكذب من جهة أن فساد الخمر نوعي بل عمومي لمتعارف الناس عند تعارف شربها فالشرب المتعارف يوجب السكر في متعارف الناس ويوجب صيرورة الشارب بحيث لا يعرف ربه ولا يبالي بما فعل وما فعل به، ولأجل تلك النوعية أو العمومية صارت محرمة وكبيرة بجميع مصاديقها ضربا للقانون.
وأما الكذب وإن كان بملاحظة مجموع أفراده ومقايستها لمجموع أفراد الخمر يكون شرا منها لكن ليس شره عاما كشر شرب الخمر ولا يترتب على كل