حضور أعيان المملكة في الأعياد لدى السلطان للسلام، فإنه مع عذر بعضهم عن الحضور يقبل ذلك النيابة لا الوكالة لدى العقلاء وهو دليل على اختلافهما.
وأما النيابة في العمل فيحتمل تصورا أن تكون عبارة عن تنزيل شخص نفسه منزلة غيره فيه، بمعنى تبديل شخصية النائب بشخصية المنوب عنه في صقع الاعتبار، فتكون مبينة على انساء النائب وافنائه وتحول وجوده بوجود المنوب عنه كما في باب الاستعارة على المذهب الحق من كون بنائها على تناسى التشبيه والمشبه والمشبه به، بل مبنية على دعوى كون شخص أسدا حقيقة فيحسن اثبات لوازم الأسد له ونفي لوازم غيره عنه، وله أشباه في العرف، كمجالس الشبيه والعزاء المعروفة في بعض البلاد فصار شخص شمرا وآخر ابن زياد إلى غير ذلك، فإن في تلك المحنة تتبدل الأشخاص بشخصيات أخر فهي مبنية على تناسى الشخصيات الحقيقية ولها نظائر أخر في مجالس اللهو سيما في هذه الأعصار فحينئذ يكون ما صدر منه منتسبا إلى الشخصية الثانية أي المنوب عنه ومسلوبة عن الأولى، فلو كانت النيابة في الأعمال كذلك لا يعقل أن يقع الأجر في مقابل العمل فإن صقع اتيانه صقع فناء النائب و وجود المنوب عنه فقط والعمل عمله ولا معنى للأجر في عمل المنوب عنه.
وفي هذا الاعتبار لا يكون للعمل اعتباران فإن النائب وعمله منسيان فالنائب هو المنوب عنه ليس إلا والعمل عمله ليس إلا، فالأجرة في هذا الاعتبار تقع بإزاء تنزيل النائب شخصه منزلة المنوب عنه وتبديل نفسه بأخرى في عمل فصقع العمل ليس صقع اعتبار الأجرة إذ العمل عمل المنوب عنه فلا أجر له في عمل نفسه لنفسه، فبقي اشكالان.
أحدهما أن الأجر إن كان بإزاء التنزيل لا بد من استحقاقه بمجرد التنزيل الذي هو أمر اعتباري وبناء قلبي وإن كان بإزاء التنزيل والعمل يعود الاشكال وينهدم هذا الأساس وكذا إن كان بإزاء التنزيل المقيد بالعمل.
والجواب أن الأجر بإزاء التنزيل في العمل وهو وإن لم يتحقق إلا بالعمل و يتوقف تحققه عليه لكن لا يكون العمل جزءا أو قيدا له، نظير أن يقع أجر على إرادة