وثانيهما أن يكون بصدد بيان وثاقة طرقة إلى الأصول لا توثيق أصحابها بأن يكون قوله: مبينا حالا، لا خبرا بعد خبر، فيكون مراده أن وجودها في الكتب معلوم مبين بوسيلة المشايخ الثقات، ولعل هذا الاحتمال أقرب لبعد امتياز المقنع عن سائر كتبه سيما مثل من لا يحضر مضافا إلى أن ظاهر قوله واجتنب الملاهي كلها أنه نهى عنه بقرينة قوله فإن الصادقين (ع) قد نهوا عن ذلك أجمع ومعه لا يبقى إلا إرسال الصدوق وهو وإن كان من الارسالات التي قلنا إنه يشكل طرحها لكن يحتمل أن يكون مثل اللعب بالخواتيم ونحوها داخلا في القمار عنده كما قال جمع: إن القمار مطلق المغالبة، ومعه لا يبقى ظهور في أن كل ما ذكرها بعناوينها منهية عنه مع أن عين النواهي غير مذكورة، فمن المحتمل أن لا تدل بجهات تقدم بعضها على الحرمة.
فرعان أحدهما أنه هل المأخوذ بالقمار والمال الذي جعل رهنا محرم بعنوان ما يقامر عليه زائدا على حرمة التصرف في مال الغير كما قلنا في ثمن الخمر والعذرة أو كان حاله كالمقبوض بالعقد الفاسد. يمكن الاستشهاد للأول بصحيحة معمر بن خلاد (1) عن أبي الحسن عليه السلام " قال النرد والشطرنج والأربعة عشر بمنزلة واحدة، وكل ما قومر عليه فهو ميسر " وقريب منها رواية العياشي عن الرضا عليه السلام (2).
فإن الظاهر منهما ما قومر عليه بمنزلة الميسر لا بنحو المجاز في الحذف بل على نحو الحقيقة الادعائية بملاك ترتب الآثار فيكون ما قومر عليه بعنوانه محرما ومنزلا منزلته، وهذا أقرب من جعل الرواية مفسرة للآية الكريمة أي إنما الخمر والميسر (الخ) لأنه مع عدم اشعار فيها لذلك وإنما احتمال أو ظن ناشئ من ورود الميسر في الآية، مع أن الحمل على التفسير يوجب ارتكاب خلاف ظاهر: بعيد في الآية وهو استعمال الميسر وإرادة القمار وما قومر عليه، بل ما ورد في تفسيرها