له أيضا فإن سياقهما واحد، ولا وجه للافتراق بينهما والتالي باطل لقبح تشريع الاضرار بالغير لدفع ضرر نفسه ولهذا لم يجوز أحد هتك أعراض الناس ونهب أموالهم إذا توقف عليه صون عرضه وماله مع أنه يجوز ارتكاب المحرمات وترك الواجبات لذلك.
ورابعة بقوله: إنما جعل التقية ليحقن بها الدم فإذا بلغ الدم فليس تقية بتقريب أن المستفاد منه أنه كل ما شرعت التقية لحفظه إذا بلغته فلا تقية ومن المعلوم أن التقية كما شرعت لحقن الدماء شرعت لحفظ الأعراض والأموال أيضا ومقتضاه أنه إذا بلغت هتك الأعراض ونهب الأموال فليس تقية.
ويرد على الأول والثاني بل على الجميع أن الاختصاص بغير ما تعلق به حق الناس مخالف لمورد نزول قوله تعالى: إلا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان (1) فإنه بحسب قول المفسرين وبعض الروايات المعتمدة نزل في قضية عمار حيث اكراه على البراءة عن النبي صلى الله عليه وآله وسبه وشتمه ففي مجمع البيان: أعطاهم عمار بلسانه ما أرادوا منه ثم قال: وجاء عمار إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يبكي قال صلى الله عليه وآله: ما وراك فقال: شر يا رسول الله ما تركت حتى قلت منك وذكرت آلهتهم بخير فجعل رسول الله صلى الله عليه وآله يمسح عينيه ويقول: إن عادوا لك فعد لهم بما قلت فنزلت الآية عن ابن عباس وقتادة " انتهى ".
وتدل عليه رواية مسعدة الآتية (2) وشأن نزول الآية لا يوجب تقييد اطلاقها أو تخصيص عمومها فقوله: إلا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان: مطلق شامل لمطلق الاكراه، ولا وجه لاختصاصه بخصوص الايعاد على القتل وإن كان شأن نزوله خاصا كما أن الحال كذلك في سائر الآيات.
فلا ينبغي الاشكال في اطلاقه سيما مع كون العناية بهذه الفقرة أي الاستثناء كما دلت عليه الرواية الآتية وكلمات المفسرين، بل الاختصاص بحق الله مخالف