لا جدال في الحج (1) وقوله: لا تعرب بعد الهجرة ولا وصال في صيام (2) ونظائرها فيدعى أن الحرمة الشرعية أوجبت سد طرق وجودها فليس لها تحقق وجود كساير الجمل الاخبارية التي تستعمل في مقام الانشاء كقوله: يعيد صلاته ويغسل ثوبه (3).
فإنها لم تستعمل في المعاني الانشائية بل تستعمل في معانيها بادعاء أنه لا يترك أو لا يوجد فيفهم منها الوجوب أو الحرمة.
ويحتمل أن يكون المصحح نفي الحكم المتعلق بها فإنها واجبة ولا دين لمن لا تقية له، ومع نفي حكمها في الشريعة يصح أن يدعى عدمها كقوله: لارضاع بعد فطام (4)، ولا يمين في غضب ولا في جبر (5) ولا اكراه ونظائرها:
ويمكن ترجيح هذا الاحتمال بأن يقال: إن كل موضوع ذي حكم في الشريعة إذا تعلق النفي به يكون ظاهرا في نفيه بلحاظ حكمه إلا أن قامت قرينة على خلافه، مضافا إلى أن قوله: إنما جعلت التقية أيضا من الحقائق الادعائية بلحاظ جعل الحكم عليها، والمناسبة بينه وبين الفقرة الثانية تقتضي أن يكون النفي بلحاظ نفي هذا المجعول فكأنه قال: إنما وجبت التقية لكذا فإذا بلغت الدم فلا وجوب، لكن مع ذلك يكون الاحتمال الأول أرجح لو لم نقل بتعينه لفهم العرف مع خلو ذهنه عن الشبهات ولمناسبة الحكم والموضوع، ولأن الظاهر أن الجملة سيقت لبيان أهمية الدماء وأنه تعالى أوجب التقية لحقنها فإذا كان حقنها موجبة لوجوبها وكونها دينا ولا دين لمن تركها لا محالة يكون البلوغ إلى إراقتها موجبا لحرمتها.
فهذه قرائن على أن النفي ليس بلحاظ نفي الحكم لو سلم الظهور المدعى