الدم " ناظرة إلى قضية عمار كما أشرنا إليه تكون واردة مورد الاكراه الذي هو مورد قضية عمار فلا محالة لا يجوز اخراجه بدليل الحرج للزوم اخراج المورد، و هو مستهجن، ومع بقاء مورد الاكراه كذلك أي عدم جواز إراقة الدم مع الاكراه، والتوعيد على القتل لا يجوز اخراج ما عداه بالضرورة، فإن القتل إذا لم يجز مع التوعيد على القتل لا يجوز مع ما دونه وما هو أهون منه.
وبعبارة أخرى لا يصح التفكيك عقلا وعرفا في الدليل، فلا بد من رفع اليد عن تحكيم دليل الحرج في المقام وهو أهون من عمل التعارض، مع أنه على فرضه لا بد من رفع اليد عن اطلاق الآية إما لكونه عملا بالدليلين في الجملة أو للاجماع المدعى والشهرة المحققة المرجحين على اطلاق الكتاب بل المقيدين له.
ثم إن مقتضى اطلاق قوله: " إذا بلغت التقية الدم فلا تقية " عدم الفرق بين أفراد المؤمنين من حيث الصغر والكبر، والعلم والجهل، والذكورة والأنوثة حتى الحمل بعد ولوج الروح، ولا بين المريض وغيره، ولا بين من في حال النزع وغيره على تأمل في الأخير بل والمستحق للقتل قصاصا وغيره فإنه محقون الدم وإن جعل الله لوليه سلطانا على قتله.
وأما المؤمن المستحق للقتل حدا كالزاني محصنا واللاطي فالظاهر أنه غير محقون كما تسالم عليه الفقهاء في كتاب القصاص وادعى عليه الاجماع بل عن الرياض دعوى تظافر النصوص عليه، ولعله أراد بها ما دلت على أنه يقتل ونحو ذلك " تأمل " فدعوى شيخنا الأنصاري أن ظاهر المشهور عدم التقية فيه ناشية من اطلاقهم في المقام، ولكن مقتضى تصريحهم بعدم محقونيته مطلقا جواز التقية فيه، وهو لا يخلو من وجه، فإن الظاهر أن الحد ليس حقا للحاكم كالقصاص بالنسبة إلى ولي الدم بل الحاكم لكونه مسيس العباد وله السلطان والولاية يكون مختصا باجراء الحدود وليس لغيره اجرائها، فلو قتل شخص من يجب قتله حدا اختيارا لا قصاص عليه ولادية كما قالوا وليس عليه إلا الإثم ويرتفع مع الاكراه، بل الظاهر انصراف قوله:
إنما جعلت التقية (الخ) عن مثله، ضرورة أن التقية لم تجعل لحقن دم مثله،