وربما يقال لا دليل على ضمان الاتلاف يؤخذ باطلاقه وما اشتهر أن من أتلف مال الغير فهو ضامن مستنقذ من الموارد الجزئية.
(وفيه) أن دليل موثقة أبي بصير (1) في باب حرمة سباب المؤمن عن أبي جعفر عليه السلام: " قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله سباب المؤمن فسوق إلى قوله وحرمة ماله كحركة دمه " فإنه في قوة قوله: " من أتلف مال الغير فهو ضامن "، لأن معنى حرمة ماله أنه لا يذهب هدرا بل هو محترم لا بد من جبره كدمه فإنه لا يطل دم رجل مسلم أي لا يهدر، وبالجملة التصدق بمال الغير موجب للضمان ولو كان يده يد أمانة واحسان.
وتوهم أن التصدق احسان في غير محله.
هذا مع الغض عن اخبار وجوب التصدق، وأما بنظر إليها فالظاهر استفادة عدم الضمان منها للملازمة العرفية بين إلزامه على التصدق والاتلاف وعدم الضمان وأما في باب اللقطة فلم يكن التصدق متعينا عليه بل هو مختار بين الأخذ لنفسه والحفظ لصاحبه والتصدق بالضمان.
مضافا إلى دلالة رواية داود بن أبي يزيد عليه بناء على أن المراد بالإصابة أعم من اللقطة وكذا رواية علي بن أبي حمزة، هذا حال الصورة الثالثة، وأما الصورة الرابعة فقد أحال الشيخ الأعظم تحقيقها على كتاب الخمس ونحن نقفوا أثره.
المسألة الثانية مقتضى القواعد أن ما أخذه السلطان الجائر المستحل لأخذ الخراج والمقاسمة باسمها ومن الغلات وغيرها بعنوان الزكاة عدم وقوعها خراجا وزكاة وبقائها على ملك صاحبها وعدم نفوذ تصرفاته من البيع ونحوه وبقاء الخراج والزكاة على ذمة المالك أو في أمواله هذا مما لا اشكال فيه، كما لا اشكال عقلا في جواز إنفاذ ما أخذه كذلك أخذا واعطاء وانفاذ معاملاته على المأخوذ وعدم قبح شئ من ذلك عقلا بن هو مستحسن لرفع الحرج والضرر عن صاحب الزكاة والخراج وعن سائر المسلمين، بل قد يلزم عقلا إذا توقف نظام الممالك الاسلامية عليه، فلا بد في ذلك من اتباع الأدلة ولا يجوز طرح ظاهر دليل معتمد بتوهم مخالفته للعقل.