لظاهر الآية سواء كان قوله: من كفر بالله من بعد ايمانه إلا من أكره مربوطا بما سبق من الآيات وهو قوله تعالى: وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل قالوا: إنما أنت مفتر (1) إلى أن قال: وقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر إلى أن قال: إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون من كفر بالله (الخ).
ويكون محصل المعنى من قال إنك مفتر وكاذب هو مفتر وكاذب وكافر إلا من أكره، والظاهر منه أن كل مكره ليس عليه بأس ولا يكون مورد ذم الله تعالى في الافتراء على رسول الله وتكذيبه وهو واضح، أو كان أول الكلام ويكون محصل المعنى أن من كفر بالله بعد ايمانه بالارتداد وايجاد أسبابه من القول والفعل فعليه غضب من الله وعذاب عظيم إلا من أكره بايجادها.
وعلى هذا الاحتمال لا بد من أن يراد بالكفر في قوله: من كفر خصوص أسبابه أي من أوجد أسبابه أو الأعم منها حتى يصح الاستثناء، فإن الاكراه على الكفر الباطني والاعتقادي غير ممكن وعلى فرضه غير معفو، كما أن في الآية تقييدا بقوله: وقلبه مطمئن بالايمان، فالمراد بالاكراه الاكراه على الأسباب ومقتضى اطلاقه جواز كل ما يوجب الكفر من تكذيب النبي صلى الله عليه وآله وسبه وشتمه والعياذ بالله مع كونه مكرها كما تدل عليه الروايات.
وتدل على اطلاقها أيضا رواية عمرو بن مروان (2) ولا يبعد أن تكون معتمدة عن أبي عبد الله عليه السلام " قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: رفع عن أمتي أربع خصال خطؤها ونسيانها وما أكرهوا عليه وما لم يطيقوا وذلك قول الله عز وجل: ربنا لا تؤاخذنا " إلى أن قال:
" وقوله إلا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان، وعن العياشي عنه عليه السلام نحوها (3). حيث تدل على أنه تعالى رفع عن الأمة ما أكرهوا عليه مطلقا بمقتضى الآية الكريمة.
ويمكن تقريب دلالة الآية أيضا على رفع مطلق ما أكرهوا عليه: بأن الاكراه