وجوب الاحتياط بالنسبة إلى البعض الآخر بل يرجع فيها إلى أصالة البراءة، ومع سقوط التكليف فلا مقتضى للفحص " انتهى ".
لازم ما ذكره اجراء البراءة في الشك في القدرة على الإيصال ابتداء، ومبناه على ما يظهر من كلامه أن القدرة من القيود الشرعية المستكشفة بالعقل.
ويرد عليه بعد الاشكال في مبناه بما قرر في محله من أن القدرة ونحوها من الأعذار العقلية لامتثال التكاليف لا قيودها شرعا أو عقلا، وأن التكاليف الكلية القانونية فعليات على موضوعاتها من غير تقييد بالعلم والقدرة والالتفات وغيرها فحينئذ يجب الاحتياط عقلا مع الشك في القدرة ويجب الفحص: أن ما ذكر إنما يتم لو قلنا بأن الواجب على الغاصب ونحوه الإيصال إلى صاحب المال وجوبا شرعيا. وأما إن قلنا بعدم وجوبه شرعا بل ليس في المال المغصوب ونحوه إلا حرمة الاستيلاء على أموال الناس عدوانا وبلا حق وحرمة التصرف فيها ونحوه كالحفظ والحبس وإنما يجب الإيصال تخلصا عن المحرم المعلوم عقلا: فلا شبهة في وجوب الفحص عقلا ولو عند الشك في القدرة، ونحوه ما إذا قلنا بتكليفين وجوب الإيصال وحرمة التصرف والاستيلاء ونحوهما، والانصاف أنه لا يمكن مساعدة القائل المدقق التقي في المبنى ولا البناء.
ثم إنه هل يتعين عليه الفحص أو يتعين الرد إلى الحاكم فإنه ولي الغائب والرد إليه بمنزلة الرد إلى صاحبه، أو يتخير بينهما بأن يقال: يجب عليه التخلص من الحرام وهو يحصل بأحدهما.
الظاهر عدم تعين الرد إلى الحاكم وعدم التخيير، لأن ولاية الحاكم على الغائب ليس على نحو الاطلاق إذ لا دليل عليه، وإنما هي ثابتة فيما إذا لم يمكن الرد إلى صاحبه الغائب أو المفقود حسبة، وليس للغاصب ومن بحكمه ترك الفحص والرد إلى الحاكم بل وليس للحاكم القبول إلا في بعض الموارد حفظا للتضييع ومؤنة الحفظ وغيره على الغاصب.
نعم يمكن نفي وجوبها على غير الغاصب ولو كانت يده يد ضمان لنفي الحرج والضرر بناء على ثبوت نفي الضرر كنفي الحرج كما هو المعروف عند المتأخرين،