ليس نفس المداراة والتقية بل لما كانت دعوتهم وإشاعة دينهم بين الناس موقوفة بمداراة أعداء الله وحفظ المؤمنين صارا بتلك المنزلة هذا مع الغض عن ضعف السند وعدم الاطلاق.
ومما ذكرناه يظهر عدم صحة التشبث لاثبات المدعى أي جواز ارتكاب المحرمات بالروايات (1) الكثيرة المتقدمة الدالة على جواز التولي من قبل الجائر لصلاح حال الشيعة: لما عرفت من أن الظاهر من مجموعها أو المتيقن منها بعد ضعف اسنادها جواز التولي فيما إذا كان صلاح المذهب ولولا التولي لخيف تشتت الشيعة وذهاب حزبهم مع قلة عددهم وضعفهم وقوة أعدائهم وشدة اهتمامهم لعنهم الله بهضمهم وهلاكهم كما هو ظاهر، فلولا أمثال علي بن يقطين والنجاشي ومحمد بن إسماعيل ومن يحذو حذوهم لخيف على الشيعة الانقراض وإلا فما أظن ارتضاء منصف بأن تلك الترغيبات الواردة منهم عليهم السلام سيما في رواية ابن بزيع للورود في ديوانهم لمحض حفظ مال من شيعي أو عرضه مع حرمة الورود فيه ذاتا وملازمة ورود أمثالهم للابتلاء، بمعاصي أخر تقية. فتجويز ذلك والترغيب الأكيد فيه ليس إلا لحفظ المصالح السياسية الكائنة في تلك الظروف المقدم على ارتكاب أي معصية يبتلى بها في ديوانهم، فكيف يمكن تجويز ارتكاب محرم كشرب الخمر أو سب أمير المؤمنين عليه السلام (والعياذ بالله) في مثل زماننا لحفظ مال شيعي وعرضه.
وكذا لا يصح التشبث بما ورد في روايات عديدة من جواز الحلف كذبا لانجاء مال مؤمن من العشار أو اللص وغيره (2) كما في بعضها، ضرورة عدم جواز التعدي منه إلى سائر المعاصي، كما أن الكذب في الصلاح جايز نصا وفتوى لكن لا يمكن التعدي منه ولعله كما قالوا إن قبح الكذب بالوجوه والاعتبار ومع ترتب الصلاح عليه لا يكون قبيحا فلو توقف انجاء مال مؤمن من العشار أو غيره وكذا الاصلاح