وفي السرائر بعد دعوى الاجماع على عدم جواز إقامة الحدود إلا للإمام عليه السلام والحكام من قبله قال: فإن خاف على نفسه من ترك إقامتها فإنه يجوز له أن يفعل في حال التقية ما لم يبلغ قبل النفوس إلى أن قال: فإن اضطر إلى تنفيذ حكم على مذهب أهل الخلاف على النفس أو الأهل أو المؤمنين أو على أموالهم جاز تنفيذ الحكم ما لم يبلغ ذلك قتل النفوس فإنه لا تقية له في قتل النفوس.
وفي الشرايع (1) فإن اضطر إلى العمل بمذهب أهل الخلاف جاز إذا لم يمكن التخلص عن ذلك ما لم يكن قبلا لغير مستحق.
وفي المنتهى (2) فإن اضطر إلى استعمال ما لا يجوز من ظلم مؤمن أو قهره جاز ذلك للضرورة ما لم يبلغ الدماء فلا يجوز التقية فيها على حال.
لكن يمكن المناقشة في اطلاق الحكم مضافا إلى غاية بعده في بعض المراتب وامكان أن يقال بأن تلك الأدلة الصادرة على وجه الامتنان منصرفة عن الموارد التي يلزم منها وقوع الضرر أو الحرج على الغير " تأمل ": أن مقتضى تلك الأدلة عموما و اطلاقا وإن كان جواز التقية في كل مورد يضطر إليه ابن آدم من غير فرق بين حق الناس وغيره لكن مقتضى حكومة دليل نفي الحرج كحكومته على سائر الأدلة تخصيص الحكم بموارد لا يلزم منها الحرج على الغير بفعله ولازمه التفصيل في حقوق الناس بين ما إذا توجه الشر والضر على الغير ويكون دفعه عنه مستلزما لوقوع الدافع في شر وضر وحرج كما في الموارد المتقدمة في كلام الشيخ وابن إدريس وغيرهما، فإنه لو فرض أن السارق أقر بالسرقة عند من كان منصوبا من قبل والي الجور للقضاء وكان مقتضى مذهبهم القطع بالاقرار مرة واحدة كما قال به أبو حنيفة ومالك والشافعي، وحاف القاضي واضطر إلى الحكم على مذهبهم وانفاذه، ففي مثله يجوز له، لأن الشر حسب اقراره ومذهبهم متوجه إليه فايجاب دفعه عنه بما يلزم