مصداق منه شر. وترتبه على بعض مصاديقه لا يوجب جعل الحرمة على مصاديقه فضلا عن جعلها كبيرة، فلا يستقاد حرمة جميع مصاديقه أو كونه كبيرة من الرواية على هذا الاحتمال، وكذا لا يستفاد منها الحرمة لو كان المراد بيان أن الكذب شر من الخمر في الخاصة المترتبة عليها بالنسبة إلى كل شخص أي أنه يوجب الدخول في المعاصي ويجعل النفس مائلة إلى الشهوات والمعاصي وإن لم نعلم كيفيته، كما ورد: أن الكذب يهدي إلى الفجور (1) وورد أن الخبائث حطت في بيت ومفتاحه الكذب (2).
وتوهم أن الوجدانيات لا يمكن أن تخفى علينا (في غير محله) لأن كثيرا ما تخفى علينا ملكاتنا الخبيثة وخصوصيات أميالنا، ولعل شرية الكذب من الشراب لكونه هاديا إلى الشرور بخلاف الخمر فإنها رافعة للمانع، فعلى هذا الاحتمال أيضا لا تدل على حرمة الكذب والخمر، لأن رافع مانع المحرمات والهادي إليها لا يلزم أن يكون محرما نفسا فضلا عن كونه كبيرة بل ولا محرما بالغير، لأن مقدمة الحرام ليست بحرام.
وفيها احتمال آخر وهو أن الجملتين صدرتا على نحو من الادعاء والمبالغة أو أن الثانية كذلك. بأن يدعى أن الخمر رافعة لجميع الموانع عن الشرور، ويدعى أن الكذب شر منها، فحينئذ إما أن يدعى أن الكذب شر منها في تلك الخصوصية أي كونه مفتاحا للشرور أو يراد أنه شر منها من جميع الجهات، فعلى الأول لا تدل على الحرمة فضلا عن كونه كبيرة، وعلى الثاني تدل على كونه كبيرة، لأن المبالغة في شريته منها إنما تصح إذا كان معصية عظيمة ومع كونه صغيرة لا تصح الادعاء ولا مصحح للمبالغة.
فإذا قيل: فلان أشجع من الأسد، أو فلان أجمل من الشمس والقمر: يكون ظاهرا في أن القائل في مقام تعظيم الكمال فيكون شجاعته وجماله بحد يصح أن