في البعد توهم أن الاستشهاد بقوله صلى الله عليه وآله، لا بعمله، أو بعمله في أصل السبق وبقوله فيه برهن، فإن كان ذلك تكلف وبعيد عن الافهام، فالتشبث بالمرسلة وكذا برواية ابن سيابة في غير محله، كالاستدلال بقوله: " لا سبق إلا في خف " (1) (الخ) أو بمثل قوله في الشطرنج وغيره (2) " إذا ميز الله بين الحق والباطل مع أيهما يكون قال مع الباطل قال فلا خير فيه ".
فإن قوله لا خير فيه وإن كان كناية عن الحرمة كما مر، لكن لا يمكن الالتزام بحرمة مطلق الباطل، لقيام الضرورة والسيرة على خلافها، فلا بد من حمله على قسم معهود منه، ولا يبعد أن يكون المراد به ما في قوله تعالى لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل المفسر بالقمار، وغاية اقتضاء اطلاقه حرمة أكل المال المتحصل من الأسباب الباطلة، أو حرمة تحصيل المال بها على ما تقدم احتماله مع الجواب عنه.
ومنه يظهر الجواب عن روايات يظهر منها حرمة مطلق الباطل أو كل ما ألهى عن ذكر الله ونحوها (نعم) في مقنع الشيخ الصدوق ولا تلعب بالصوالج فإن الشيطان يركض معك والملائكة تنفر عنك، وروي أن من عثرت دابته فمات دخل النار و اجتنبت الملاهي كلها واللعب بالخواتيم والأربعة عشر وكل قمار فإن الصادقين (ع) قد نهوا عن ذلك أجمع (3) (انتهى). مع ما في أوله من الشهادة على أن كل ما فيه روايات مسندة موجودة في الكتب الأصولية عن المشايخ العلماء الفقهاء الثقات، و مع ما في ذيل هذه العبارة من الجزم بأن الصادقين (ع) نهوا عن ذلك أجمع فلا اشكال في سندها.
وأما دلالتها فيمكن أن يقال: إن الملاهي مطلق آلات اللهو واللعب كما تشهد به كلمات اللغويين، ففي الصحاح: وألهاه أي شغله إلى أن قال: الهو لهوا إذا لعبت به وتلهيت به مثله وفي القاموس: لها لهوا: لعب كالتهى وألهاه ذلك