باطلاقهما، وهو نظير أن يقال: إن في الشريعة واجبات: الصلاة والصوم والحج (الخ) وفيها محرمات: الربوا والكذب والسرقة (الخ) حيث لا يمكن الأخذ باطلاقه بالنسبة إلى كل واحد منها، فيدفع به الشك في شرطية شئ أو مانعيته، بالنسبة إلى الصلاة وغيرها، أو بالنسبة إلى بعض المصاديق المشكوك فيه.
إلا أن يقال: يكشف الاطلاق فيهما من ذكر تقييدات فيهما، كتقييد قتل النفس بالتي حرم الله تعالى، وأكل مال اليتيم بقوله: ظلما، وما أهل لغير الله بغير ضرورة; وأكل الربوا ببعد البينة، وحبس الحقوق بغير عسر; فلولا كونهما في مقام البيان لا وجه لذكر القيود، فإن البيان على نحو العد والاهمال لا يناسبه.
ويمكن أن يقال: إن ذكر تلك القيود إنما هو بتبع ورودها في الكتاب الكريم حيث قال: ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق (1) وقال: إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما (2) وقال: إنما حرم عليكم الميتة إلى أن قال: فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم (3) وقال بعد آية الربا: فمن جاءه موعظة (4) (الخ) قال في حق الغريم: وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة (5). والشاهد عليه أن هذه القيود في الموارد الخمسة وردت في الروايتين، فيكون ذكرها بتبع الكتاب لا لكونه في مقام البيان من جميع الجهات، إلا أن يدعى أن الإشارة إلى القيود المذكورة في الكتاب أيضا دليل على كونه في مقام البيان وفيه تأمل.
والانصاف أن الاتكال عليهما لاثبات كون الكذب في الجملة كبيرة مشكل فضلا عن اثبات كونه كذلك بجميع مصاديقه.
وقد يستشكل (6) عليهما وعلى كل ما دلت على كونه من الكبائر بأنها معارضة