ثم إن الشيخ الأنصاري تعرض لمسألة أخرى في ذيل المسألة الثانية تكون من شقوقها أو مسألة مستقلة وهي صورة تنجيز العلم الاجمالي جميع الأطراف.
وتفصيل القول فيه بوجه يتضح الحال في مطلق العلم الاجمالي أنه تارة يكون العلم الاجمالي من قبيل المقام، وهو ما كان الأطراف مسبوقة بالعلم التفصيلي مع عدم ايجاب جريان الأصل فيها للمخالفة العملية، فاستصحاب حرمة التصرف في كل من الأطراف جار وحاكم على أصالة الحل بناء على جريانه في الأطراف في هذا الفرض وبناء على عموم أدلة الحل للأطراف المعلوم بالاجمال.
وأما في سائر الصور وفي مطلقها بناء على سقوط الأصول في الأطراف بالمعارضة أو عدم جريانها فربما يقال: مقتضى اطلاق أدلة الحل وخصوص صحيحة عبد الله بن سنان (1) عن أبي عبد الله عليه السلام " قال: كل شئ فيه حلال وحرام فهو لك حلال أبدا حتى تعرف الحرام بعينه فتدعه، حلية جميع الأطراف وسقوط العلم الاجمالي رأسا وقد تقدم عدم محظور عقلي فيه.
(وفيه) أن في الصحيحة احتمالات:
أحدها أن المراد بالشئ هو الموجود المتشخص كما هو ظاهره والضماير راجعة إليه فيكون المعنى كل موجود شخصي في الخارج فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتى يتميز الحلال والحرام ويعرف الحرام بعينه، فيختص بمورد اختلاط الحلال و الحرام وحصول موجود شخصي عرفي، كاختلاط الخل والخمر، وهذا بعيد جدا سيما مع عدم تحقق الغاية مطلقا أو نوعا.
ثانيها هذا الاحتمال، لكن مع ارجاع ضمير فيه إلى جنس الشئ المتشخص استخداما فالمعنى كل متشخص في جنسه نوع حلال ونوع حرام مع الجهل بانطباق أحد العنوانين عليه فهو حلال حتى تعرف أنه حرام بعينه باندراجه تحت النوع الحرام فيختص بالشبهة البدوية أو يعم أطراف العلم الاجمالي باطلاقه.
ثالثها أن يراد بالشئ الطبيعة فالمعنى كل طبيعة قسم منها حلال وقسم حرام فهي حلال حتى تعرف القسم الحرام فتدعه، وهذا كالثاني في الاختصاص بالشبهة