بين المؤمنين على معصية أخرى كسب النبي صلى الله عليه وآله وشرب الخمر لا يمكن الالتزام بالجواز كما هو واضح.
فتحصل من جميع ذلك عدم دليل على جواز ارتكاب المحرم لحفظ مال أو عرض، فلو دل دليل على وجوب حفظ شئ مطلقا لا بد من ملاحظة الأهم ومعاملة باب التزاحم، ثم لو قلنا بجواز التقية في هذا المورد فلا شبهة في عدم جواز الاضرار بالغير لدفع الاضرار عن مؤمن آخر وهو واضح، والفرق بينه وبين التقية الاضطرارية ظاهر.
الثالث قال الشيخ الأنصاري في كتاب البيع: إن حقيقة الاكراه لغة وعرفا حمل الغير على ما يكرهه، ويعتبر في وقوع الفعل من ذلك الحمل اقترانه بتوعيد منه مظنون الترتب على ترك ذلك الفعل مضر بحال الفاعل أو متعلقه نفسا أو عرضا أو مالا وقال في المقام: إن الاكراه يتحقق بالتوعيد بالضرر على ترك المكره عليه ضررا متعلقا بنفسه أو ماله أو عرضه أو بأهله ممن يكون ضرره راجعا إلى تضرره وتألمه " انتهى ".
أقول إن ما ورد في الأخبار عنوانان، أحدهما ما أكرهوا عليه، وثانيهما ما استكرهوا عليه، ولا شبهة في رجوعهما إلى معنى واحد، كما أن الاستكراه أو الاكراه الوارد في بعض الأخبار راجعان إلى ذلك أيضا فلا بد من النظر في معنى قوله: فرفع ما أكرهوا عليه " عرفا ولغة، والظاهر أنهما متطابقان على أن معنى أكرهه عليه حمله على ذلك قهرا وكرها، بمعنى أن متعلق القهر و الكره الحمل فيكون معنى أكرهه على ذلك كقوله أجبره عليه وألزمه عليه أي حمله عليه قهرا وجبرا والزاما وكرها.
وأما بناء على ما ذكره الشيخ لا يكون الكره والقهر في الحمل على الفعل، بل إذا كان الفعل مكروها له وهو يكرهه صدق الاكراه عليه ولو كان الحمل عليه بلا قهر وجبريل يكون حمله عليه بالاستدعاء أو اعطاء المال عليه، ضرورة صدق حمله على ما يكرهه فإذا أمره من لا ينبغي مخالفته بأمر كرهه فأتاه صدق عليه أنه حمله