وهل يمكن أن يقال: إن حرمة الكذب في الشرع بالوجوه والاعتبار بالمعنى المتقدم وإن كان قبحه بذاته عقلا، وليستأنس له بروايات.
كمرسلة سيف بن عميرة (1) عن أبي جعفر عليه السلام قال: " كان علي بن الحسين عليه السلام يقول لولده: اتقوا الكذب الصغير منه والكبير في كل جد وهزل فإن الرجل إذا كذب في الصغير اجترء على الكبير " (الخ) بدعوى أن الظاهر من التعليل أن الأمر بالاتقاء عن الصغير ليس لذاته بل لأجل عدم الاصلاح بالكبير، فلو كان الكذب الصغير محرما لما يناسب هذا التعليل وهو نظير قوله في روايات التثليث : " ومن أخذ بالشبهات وقع في المحرمات وهلك من حيث لا يعلم (2) " فالأمر بالاتقاء عن الصغير ارشادي لغرض عدم الوقوع في المحرم وهو الكذب الكبير.
ومعلوم أن كبر الكذب وصغره باعتبار ترتب الفساد على المخبر به ومراتب الفساد وإلا فنفس الكذب من حيث ذاته لا يتصف بهما، ومن ذلك يمكن الاستيناس للمطلوب بأن الكذب في حد ذاته لا يكون شيئا وإنما حرمته وحليته وكبره وصغره باعتبار الوجوه المنطبقة عليه.
ورواية حماد ومحمد (3) عن الصادق عليه السلام عن آبائه في وصية النبي صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام " قال: يا علي ثلاث يحسن فيهن الكذب: المكيدة في الحرب وعدتك زوجتك والاصلاح بين الناس " وفيها أيضا " يا علي إن الله أحب الكذب في الصلاح وأبغض الصدق في الفساد "، وقريب منها روايات.
ورواية الصدوق (4) عن الصادق عليه السلام " اليمين على وجهين " إلى أن قال " فأما اليمين التي يؤجر عليها الرجل إذا حلف كاذبا ولم يلزمه الكفارة فهو أن