قلنا: بأنه كاشف عن تنزيل آخر وهو تنزيل استماعه منزلة تكلمه، تدل الرواية على حرمة الاستماع إلا في مورد جاز له الاغتياب. وإن قلنا: بتنزيل المستمع منزلة المغتاب وباقتضاء الاطلاق التنزيل في المحرم والمحلل تدل على جواز الاستماع إذا جاز للمغتاب الاغتياب، وإن قلنا: إنها بصدد بيان أصل الاشتراك، ودفع توهم اختصاص الحرمة بالمغتاب، فلا تدل على شئ منهما، فهي مجملة من حيث اللفظ و المعنى، وإن كان الأرجح تثنية الصيغة.
ويمكن أن يستدل على حرمة استماع الغيبة المحللة فيما إذ ألزم منه كشف ستر المؤمن وإذاعة سره بأن كان السامع جاهلا بالعيب: بما تقدم: من أن المستفاد من طوائف من الروايات حرمة عرض المؤمن، ومبغوضية انتهاكه ذاتا، ولو كان مسلوب الإضافة عن الفاعل المختار والمكلف العاقل، وكما أن المغتاب لا يجوز عليه هتك المؤمن بقوله كذلك لا يجوز للسامع كشف ستره باستماعه، فلو جاز ذلك على القائل لا يلزم أن يكون جائزا على المستمع لعدم رفع احترام المؤمن بنحو الاطلاق، ولهذا لا يجوز لسائر الناس اغتيابه بمجرد جوازه لواحد منهم، فالمرفوع احترامه بالإضافة لا مطلقا.
ولو قيل: لازم تجويز الشارع اغتياب أحد للمغتاب تجويز استماعه وإلا كان ذلك لغوا، يقال: لا ملازمة بينهما، لامكان أن يغتاب عند من جاز له استماع غيبته بل له استماع الغير بغير اختياره كما يتفق ذلك كثيرا، فله أن يسمع غيره فجأة والمقصود في المقام اثبات جواز الاستماع اختيارا، فلا ملازمة بين جواز الغيبة وجواز الاستماع الاختياري، وهذا الأخير أوجه ما في المقام في حرمة استماعها مطلقا، لكنه أيضا لا يخلو من اشكال لعدم احراز حرمة من أجاز الشارع غيبته والقدر المتيقن من الأخبار المشار إليها هو مبغوضية هتك غير من أجاز المولى هتكه ولو في الجملة، ولا دليل على حرمة هتكه ذاتا بنحو الاطلاق، ولا يستفاد ذلك من الأخبار المتقدمة، لأن المستند لما ذكرناه ليس اطلاق دليل أو عمومه، بل هو مستفاد من مجموع الأخبار استنقاذا، وأما عدم جواز غيبته لغير من أجيز فالاطلاق أدلة حرمة الغيبة من غير